الخميس، 28 سبتمبر 2023

الإعراض عن الحق اتباع للهوى

لم تُكذِّب قريشٌ النبيَّ ﷺ عن دليل واضح عندها، ولا عن بينة مستيقنة، بل عن عناد وهوى ومكابرة، ولذلك ذهبت تبحث عن الدليل عند اليهود، فأرشدهم اليهود إلى أن يطلبوا من النبي ﷺ آيات كآيات موسى ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ﴾ [القصص: ٤۸] فأخزى الله الاثنين؛ لأنهم خالفوا الأدلة الواضحة المتمثلة بالكتب المنزلة، فكفر اليهود بالتوراة والآيات الأخرى، وكفرت قريش بالقرآن وما أتى به النبي ﷺ فأمر الله سبحانه نبيه بتحديهم بأن يأتوا بكتاب من عند الله وحينها سيكون تابعا له، فقال سبحانه:
﴿ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [القصص: ٤۹] وهذا ديدن الأنبياء ومن تبعهم على الحق أن يذعنوا لما أنزل الله وأن يحكموا به ويتحاكموا إليه وحده، لا إلى عقولهم ولا إلى أهوائهم، والحق أن كل من خالف الرسل والأنبياء ولم يستجب لهم ولسنتهم فإنما خالفهم لهوى في نفسه، وهذا الهوى قاده إلى الضلال، لقوله سبحانه: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: ٥۰] 
وذلك سارٍ في كل الأمم فقد خالف اليهود أنبياءهم حتى عبدوا العجل، وخالف النصارى نبيهم وبالغوا في تعظيمه حتى اتخذوه إلها، وخالف قوم نوح حتى عبدوا الصالحين فاتخذوا ودا وسواع ويغوث ويعوق ونسرا آلهة بعدما بالغوا في تعظيمهم، وهذا شأن كل من يخالف الأنبياء والرسل بعقله أو بهواه يستدرجه الشيطان فيزين له المخالفة ثم يسول له المحدثات في الدين ثم يستدرجه لما هو أكبر من ذلك والعياذ بالله!
 نسأل الله العفو والعافية.

الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

خطر البدع

إن أمر البدع في الدين خطير جدا، ولا يظنن أحد أن التحذير منها مبالغة في النصح، بل هو خوف على المسلمين من ضلالات يرتكبونها تودي بهم وهم لا يعلمون، وقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم شديدي التحذير منها والتنكيل على أصحابها من ذلك ما حكاه ابن العربي عن الزبير بن بكار قال: سمعت مالك بن أنس _إمام دار الهجرة_ وأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد _يقصد المسجد النبوي_ فقال: لا تفعل. قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر. قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة. فقال: وأي فتنة هذه؟ إنما هي أميال أزيدها. قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصَّر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إني سمعت الله يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم).
قال الشاطبي: وهذه الفتنة التي ذكرها مالك رحمه الله تفسير الآية هي شأن أهل البدع وقاعدتهم التي يؤسسون عليها بنيانهم فإنهم يرون أنما ذكره الله في كتابه وما سنه نبيه صلى الله عليه وسلم دون ما اهتدوا إليه بعقولهم.
الاعتصام 1 /174 .
وهذا هو الخطر العظيم فكل بدعة في الدين سواء كانت قولية عقدية أو فعلية تعبدية إنما بدأت باستحسان صاحب البدعة لها بعقله ورغبة بحسن نية إلى أن يسبق من سلف أو أن يبالغ في العبادة ثم تنتشر البدعة ويزيد عليها كل من استحسنها شيئا جديدا وهكذا حتى تصبح تغييرا لدين الله، وكان السلف الصالح رحمهم الله يقولون : إن كل بدعة جديدة يضيع صاحبها من السنة والدين أكثر منها. 
وهذا ما نراه في الواقع فكل أصحاب البدع تجدهم من المضيعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المفرطين في الفرائض وما جذبتهم البدع إلا بما وافقته من أهوائهم وشهواتهم ولذلك يخشى على أهل البدع من الفتنة والردة، وقد سبق في البدع قوم فمرقوا من الدين وارتد بعضهم وختم لهم بسوء مثل: الخوارج والمرجئة والقدرية والباطنية وغيرهم من أهل البدع.
نسأل الله أن يرحم هذه الأمة ويردها إليه ردا جميلا وأن يحفظنا بالدين ظاهرا وباطنا وأن يختم لنا بخير.
#كل_بدعة_ضلالة
#كل_ضلالة_في_النار
#اتبع_ولا_تبتدع
#السنة
#عقيدة_أهل_السنة_والجماعة
#البدعة

الخميس، 21 سبتمبر 2023

كلمة في المولد

اعلموا أيها الأخوة أن للمسلمين عيدين فقط: عيد الفطر وعيد الأضحى، ومن جمع الناس في غيرهما كل عام احتفالا وابتهاجا فقد ابتدع في دين الله عيدا ثالثا، وزعم أن في الإسلام نقصا جاء هو ليتمه، والله سبحانه وتعالى يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
 ومن يريد الدعوة إلى الله فليدع كل يوم، فالمساجد مفتوحة ودروس العلم مشروعة والأسواق مملوءة بالناس فمن شاء فليدع إلى الإسلام كما دعا رسول الله ﷺ وليأمر بالمعروف كما أمر رسول الله ﷺ وصحابته الكرام ولا يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، وليعتبر بما يراه فيما يجاوره من مواسم القوم التي نراها كل سنة في مناسبات ما أنزل الله بها من سلطان يختلط فيها الرجال بالنساء وتمزج بالمعازف والغناء وتترك فيها صلاة الفريضة وتمارس فيها الفواحش ، وفي كل سنة تتطور البدعة ويتسابق الناس لابتداع المزيد حتى تشوه الدين عندهم وزاغوا عن جادة الصواب.
 إن شأن البدع أيها الأخوة خطير جدا فهي تبدأ صغارا ثم تنتهي بطامات ومصائب؛ لأنها من خطوات الشيطان التي نهانا الله سبحانه عنها إذ قال: ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) إن مما يؤلم اليوم من حال المسلمين أنهم يتركون سنة النبي ﷺ لأنها سنة وليست بفرض ثم يلتزمون البدعة بدعوى محبة النبي ﷺ وقد نهى ﷺ عن الابتداع في الدين بقوله: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وبقوله: ( أما بعدُ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، وإنَّ أفضلَ الهديِ هديُ محمدٍ ، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها ، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ) ومن ادعى أن الاحتفال بالمولد تعبير عن حبه لرسول الله ﷺ فقد أثبت على نفسه أنه لا يحبه إلا يوما واحدا في العام، وهو قطعا لا يعترف بهذا، ورسول الله أعظم من أن يكون له يوم واحد في العام بل المؤمن الحقيقي يعبر عن حبه لرسول الله ﷺ كل يوم بالتزام سنته وطاعته واتباع أوامره، (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وإن طاعته واتباعه من محبة الله العزيز الحكيم (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) 
وأما الذي يخالف سنته كل يوم ويعصي أمره ويخالف الشرعة التي جاء بها ثم يأتي ليحتفل بمولده إظهارا لحبه وابتغاء للأجر، فهذا يخادع نفسه ويتمنى على الله الأماني والله سبحانه وتعالى يقول: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ) فهيهات هيهات إن المحب لمن أحب مطيع.
وأنا أقدر أن بعض الدعاة من غير غلاة الصوفية يحرصون على مناسبات بدعية ويجيزونها لأنهم يرون فيها فرصة لدعوة الناس وتعليمهم دينهم ولربطهم بالمساجد، ويرون في ذلك سنة حسنة وليست كذلك؛ لأن السنة الحسنة هي التي يكون لها أصل في الشرع كما في الحديث المشهور من بذل خير أو إظهار صدقة أو نشر علم كما هو معلوم، وإلا لجاز لكل أحد أن يأتي بما يراه حسنا فيزيد في الدين ما يشاء، فأقول لهؤلاء الأفاضل: إن في الإسلام أبوابا كثيرة للخير والعمل الصالح والدعوة إلى الله، وأنتم ولجتموها وجربتموها من خطب الجمعة، ودروس العلم، ودورات القران، وغيرها، وكلها أمور لها أصل مشروع في الدين ومنها ما هو واجب، فلماذا تتجهون إلى ما فيه تشبه بغير المسلمين وبالفرق الضالة التي بان انحرافها وظهر عوارها للقاصي والداني؟ 
إن ما يميز أهل السنة عن غيرهم من الفِرَق هو الاتباع لا الابتداع، فلا تكثروا سواد أهل الزيغ فقد تحبط أعمالكم وأنتم لا تعلمون .
إن ما تحتجون به من حجج وتستدلون به من أدلة قد رد عليها العلماء وهي مردودة باطلة واضحة البطلان يسهل على أبسط طالب علم أن يفندها جميعا، فلا تتمسكوا بخيوط العنكبوت لتنسجوا منها أوهاما يتبعكم عليها السذج من عوام الناس ومن أصحاب الأهواء فتحملوا أوزارهم مع أوزاركم يوم القيامة فأنتم مؤتمنون على هذا الدين تبلغونه كما نزل وتعلمونه للناس كما أراد الله لا كما شئتم فالله سبحانه أمر نبيه ﷺ بالاستقامة على أمر الله فقال: (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير) فكيف بالعلماء والدعاة؟ إنه لحري بهم أن يتقوا الشبهات ويجتنبوا الموبقات فضلا عن البدع المحدثات، وأن يستبرئوا لدينهم وأمانتهم. وألا يغلوا في الدين كما فعل النصارى حين غالوا في أنبيائهم فجعلوهم آلهة من دون الله، فقال الله لهم (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله).
 وأذكركم بأن الإسلام غاية نبيلة ولا يتصور أن تصل إلى غاية نبيلة بغير ما شرع الله ففي ديننا الغاية لا تبرر الوسيلة.
 ولا تكونوا كعلماء بني إسرائيل فتحرفوا النصوص أو تلووا أعناقها لتنالوا هوى نفوسكم، بغضا في مخالفيكم (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا) وتتبعوا الحق فأنا أعلم أن البعض يبغضون السلفية فيميلون إلى مخالفتهم ولا يذعنون للحق فقط لأنه صادر منهم وهم بهذا يضعون أنفسهم في صف أهل البدع والضلالة ليقال فقط: إنهم معتدلون، وما يغني عنكم ما يقوله القوم من الله شيئا.
إن الحق أيها الإخوة أحق أن يتبع والدين الحق المتمثل بالكتاب والسنة يعلو ولا يعلو عليه أحد 
والله أسأل أن يهدينا جميعا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم  وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يردنا إليه ردا جميلا إنه سميع مجيب.
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد!

إعانة الكفار على المسلمين

الملخص: من نواقض الإسلام التي يحكم بردة صاحبها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَ...