الثلاثاء، 19 ديسمبر 2023

إعانة الكفار على المسلمين


الملخص:
من نواقض الإسلام التي يحكم بردة صاحبها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمََ الظَّالِمِينَ) [المائدة:51].
فمن أعان صـ.،ـهيو نـ.،ـيا يـ.،ـهو ديـ.،ـا أو نصـ.،ـرانـ.،ـيا على مسلم بالقوة أو بالمال أو بالغذاء لينصرهم به على المسلم فقد ارتد عن الإسلام .
التفصيل: 
(ومن ظاهر المشركين وناصرهم على المسلمين فقد تعرض لتهديد الله ووعيده، وخان الله ورسوله والمؤمنين، واستحق سخط الله وعذابه قال تعالى: [المـَـائدة: 80-81]{تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ *وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ *}.

وجعل الله ذلك من خصال المنافقين فقال تعالى: [النّـِسـَـاء: 138-139]{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا *الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَولِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا *}

وجعل حكم من يتولى المشركين كحكمهم فقال: [المـَـائدة: 51]{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}

وجعل موالاتهم سراً أو علانية ووعدهم بالمناصرة صدقاً أو كذباً في النهي سواء، فقال تعالى: [الحـَـشـر: 11]{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ *}

وقطع سائر الأعذار لتوليهم كحظوظ الدنيا أو الخوف منهم أو مداراتهم أو مداهنتهم أو خشية الدوائر أو عصمة النفس والمال فقال: [المـَـائدة: 52]{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} وقال : [النّحـل: 107]{ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآْخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ *}.

وعمَّم النهي في موالاة الكافرين عامة ذوي أرحام أو أجانب، كتابيين أو مشركين أو مرتدين وغيرهم من ملل الكفر فقال: [المـَـائدة: 57]{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *}.

وقال: [المجـَـادلة: 22]{لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهُ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}

وتوعد من اتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين إن هو لم يرتدع عن موالاته وينجر عن مخالته أن يلحقه بأهل ولايته من المنافقين فيستحق ما استحقوه بأوضح حجه وأقوى برهان فقال: [النّـِسـَـاء: 144]{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينِ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا *}

وتبرأ ممن يتولاهم فقال: [آل عِـمرَان: 28]{لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}

وقطع بردتهم فقال: [محـَـمَّد: 25-26]{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ *ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ *} إلى غير ذلك من الآيات.

والنصوص في الكتاب والسنة في هذا الباب أكثر من أن تحصر، وقد حرص الشارع على بيان هذا الأصل العظيم من الدين أشد بيان، فتواترت به النصوص من الكتاب والسنة، وتظافرت فيه الأدلة، وذلك لأنه من أعظم أصول الملة، فبموالاة الكافرين ومعاداة المؤمنين تهدم الشريعة ويثلم الدين.

قال الشيخ حمد بن عتيق في «سبيل النجاة»: (ص31) :

(فأما معاداة الكفار والمشركين فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك، وأكد إيجابه، وحرم موالاتهم وشدد فيها، حتى أنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده) انتهى.

وقد وقع الجهل في هذا الباب، والتسامح فيه، فأصبح اتِّباع الأهواء وملذات الدنيا وحب الرئاسة عذراً في موالاة الكافرين ومعاداة المؤمنين، فأصبح هذا الباب فتنة لكثير من الأولين وبلاء للآخرين.

فتحرم موالاة الكافرين على المؤمنين بالمال والنفس والرأي، وإن لم يقع في القلب حبهم، وتفضيل دينهم على دين المؤمنين، وقد حذر الله من ذلك أشد تحذير، كما تقدم في الآيات قال تعالى: [المـَـائدة: 51]{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وهذا يجري على ظاهره أنه في حكمهم.

قال ابن القيم في «أحكام أهل الذمة»: (1/67) :

(قد حكم الله ولا أحسن من حكمه أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم [المـَـائدة: 51]{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم) انتهى.

وقال القرطبي في «تفسيره»: (6/217):

{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ ِ} أي يعضدهم على المسلمين {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} بين تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم ابن أُبَي، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة) انتهى.

وقال ابن حزم في «المحلى»: (11/ 35) :

(وصح أن قول الله تعالى [المـَـائدة: 51]{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين) انتهى.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله في «الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك»: (52) :

(قال تعالى : [الحـَـشـر: 11]{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ *} فإذا كان وَعْد المشركين في السر ـ بالدخول معهم ونصرتهم والخروج معهم إن جَلَوا- نفاقاً وكفراً وإن كان كذباً، فكيف بمن أظهر لهم ذلك صادقاً، وقدم عليهم، ودخل في طاعتهم، ودعا إليها، ونصرهم وانقاد لهم، وصار من جملتهم، وأعانهم بالمال والرأي.

هذا مع أن المنافقين لم يفعلوا ذلك إلا خوفاً من الدوائر كما قال تعالى: [المـَـائدة: 52]{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}) انتهى.

ومن تبرأ من أعداءِ الله وأعداءِ وليه ودينه، عليه موالاة أولياء الله، قال تعالى: [المـَـائدة: 55]{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}.

ولا يُعذر مسلم بتوليه الكافرين، ومناصرته لهم على المؤمنين، فمصلحة التوحيد أعظم مصلحة ترجى للأمة، ومفسدة الشرك أعظم مفسدة تُدرأ عنها، فلا يحل مظاهرة الكافرين على المؤمنين لأجل طمع في الدنيا يرجى، من عصمة مال أو رياسة وغيرها، بل ولا عصمة الدم، حيث عُلم أن مظاهرة الكافرين كفر وردة عن الدين، وقد أجمع أهل العلم على أن من ظاهر الكفار من أهل الكتاب وغيرهم من الملل الكفرية على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم قال الله جل وعلا: [المـَـائدة: 51]{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}

قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله كما في مقدمة كتاب «الدلائل»:

(اعلم رحمك الله أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفاً منهم، ومداراة لهم، ومداهنة لدفع شرهم، فإنه كافر مثلهم، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين، هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك، فكيف إذا كان في دار منعة واستدعى بهم ودخل في طاعتهم وأظهر الموافقة على دينهم الباطل وأعانهم عليه بالنصرة والمال ووالاهم وقطع الموالاة بينه وبين المسلمين، وصار من جنود القباب والشرك وأهلها بعد ما كان من جنود الإخلاص والتوحيد وأهله فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عداوة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستثنى من ذلك إلا المكره وهو: الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له: اكفر أو افعل كذا وإلا فعلنا بك وقتلناك، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان.

وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلاً أنه يكفر، فكيف بمن أظهر الكفر خوفاً وطمعاً في الدنيا) انتهى.

* ولأجل هذا شرع الله الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإيمان، لما تتضمنه الإقامة بين ظهرانيهم في الغالب من المودة لهم وطلب رضاهم بمدح ما هم عليه، وعيب المسلمين.

قال ابن حزم الأندلسي في «المحلى»: (11/199، 200) :

(وقد علمنا أن من خرج عن دار الإسلام إلى دار الحرب فقد أبق عن الله تعالى، وعن إمام المسلمين وجماعتهم ويبين هذا حديثه صلى الله عليه وسلم أنه بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، وهو عليه السلام لا يبرأ إلا من كافر، قال الله تعالى: [التّوبـَـة: 71]{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}.

قال أبو محمد رحمه الله:

فصح بهذا أن من لحق بدار الكفر والحرب مختاراً محارباً لمن يليه من المسلمين فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها من وجوب القتل عليه متى قدر عليه ومن إباحة ماله وانفساخ نكاحه وغير ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبرأ من مسلم.

وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه ولم يحارب المسلمين ولا أعانهم عليهم، ولم يجد في المسلمين من يجيره فهذا لا شيء عليه لأنه مضطر مكره) انتهى كلام ابن حزم.

* والموالاة والمعاداة أوثق عرى الإيمان، ولأجل حماية هذا الأصل العظيم حرَّم الله التشبه بالكفار في الهدي الظاهر حتى وإن لم يصاحبه حب في الباطن، فقد روى أحمد وأبو داود من حديث حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن تشبه بقوم فهو منهم».

ويخرج من هذا من كان من المسلمين في دار كفر، وخشي الضرر بالمخالفة لهم في الزي الظاهر، فيجوز له موافقتهم في هديهم الظاهر، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بمخالفة المشركين حال ضعف المـــُعـِيْن له، وقلة الناصر، بل أمر بذلك بعد ظهور الإسلام وقوَّة أهله.

ومن أعظم موالاة أهل الكفر التي تناقض الإيمان إقامة المنظمات والملتقيات والمؤتمرات من أجل تقرير وحدة الأديان، وإزالة الفوارق العقدية، ومحو الخلاف فيما بينها، وهذا الأمر يتكئ على فكرة خبيثة عرفت قديماً عند ملاحدة المتصوفة كالتلمساني وابن سبعين وابن هود، وعرفت حديثاً عند دعاة العلمانية والليبرالية الذين يتفقون مع سابقيهم في الإلحاد، ونبذ الإسلام وتنحيته عن شئون الحياة.

مسألة في الاستعانة بالكفار في القتال:

وأما الاستعانة بالكفار في قتال كفار آخرين، فهي مما وقع في جوازها الخلاف بين أهل المعرفة، فمنهم من منع مطلقاً، ومنهم من أجاز بقيود وشروطٍ، كمسيسِ الحاجة إليهم، وأمن مكرهم وخيانتهم بالمؤمنين.

وأما الاستعانة بالكفار على قتال بغاة مسلمين، فقد منع منه أكثر العلماء وجماهيرهم، فإن كان قتال هؤلاء البغاة مما يقوِّي شوكة الكفار على المسلمين، ويظهرهم عليهم، ونفع أهل الكفر بهذا القتال أكثر من نفع أهل الإسلام، فهذا داخل في قوله جل وعلا : [المـَـائدة: 51]{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} بلا ريب.

ومن الاستعانة بهم في القتال ما هو دون ذلك في الحكم فلا يصل إلى الكفر والردة، والخروج من الملة.

قال ابن حزم الأندلسي _ح في «المحلى»: (11/200، 201) :

(وأما من حملته الحمية من أهل الثغر من المسلمين فاستعان بالمشركين الحربيين وأطلق أيديهم على قتل من خالفه من المسلمين، أو على أخذ أموالهم أو سبيهم، فإن كانت يده هي الغالبة وكان الكفار له كأتباع فهو هالك في غاية الفسوق، ولا يكون بذلك كافراً، لأنه لم يأت شيئا أوجب به عليه كفراً قرآن أو إجماع.

وإن كان حكم الكفار جارياً عليه فهو بذلك كافر، على ما ذكرنا، فإن كانا متساويين لا يجري حكم أحدهما على الآخر فما نراه بذلك كافراً. والله أعلم) انتهى).

=============

📗 المصدر: الإعلام بتوضيح نواقض الإسلام للشيخ الطريفي.

الخميس، 26 أكتوبر 2023

ذُلُّ القُعُود

الرباط والجهاد في سبيل الله من أعظم الأعمال أجرا عند الله، فلا شيء يعدل أن يضع الرجل روحه ودمه بين يدي الله لتزهق في أي لحظة، عمل لا يعدله كثرة صوم ولا صلاة ولا صدقة ولا قيام ليل،  فعَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: (رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيرٌ مِنْ صِيامِ شَهْرٍ وقِيامِهِ، وَإنْ ماتَ فيهِ جَرَى عَلَيْهِ عمَلُهُ الَّذي كَانَ يَعْمَلُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزقُهُ، وأمِنَ الفَتَّانَ) رواهُ مسلمٌ. 
فكيف بمن يقضي عمره مرابطا ومقاتلا في سبيل الله مضحيا بماله وأهله ونفسه، ﴿ لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ، درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما ﴾ [النساء: ٩٥ _۹٦] إنهم خير الناس وأفضل المؤمنين عند الله، لأنهم حققوا صريح الإيمان قولا وعملا، ولم يكتفوا من العمل ما يحبون ويستسهلون، بل ما يشق على النفس من التضحية وما تكرهه من بذل المال والولد ارضاء لله، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ، قال: "ألا أخبركم بخير الناس؟ رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله. حديث صحيح رواه الترمذي
وسئل النبي ﷺ، أي الناس أفضل؟ قال: «مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله». صحيح البخاري.
وعَنْ أَرْطَأَةَ بنِ المُنْذِرِ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخطابِ -رضي اللهُ عنه- قالَ لِجُلَسَائِهِ:
أَيُّ الناسِ أعظمُ أَجْرًا؟
قال: فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ لَهُ الصَّوْمَ والصَّلاةَ، قال: وَيَقُولُونَ فُلانٌ وَفُلانٌ بَعْدَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ.
فقالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَعظَمِ الناسِ أَجْرًا مِمَّنْ ذَكَرْتُمْ وَمِنْ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ؟
قالُوا: بَلَى. 
قالَ: رُوَيْجِلٌ [تصغير: رَجُلٌ] بِالشَّامِ، آخِذٌ بِلِجَامِ فَرَسِهِ،
يَكْلَأُ [يَحرُسُ] مِنْ وَرَاءِ بَيْضَةِ المُسلِمِينَ [أَيْ: جَمَاعَتُهُمْ وأَصلُهُمْ وَمَوْضِعُ سُلْطَانِهِمْ]، لا يَدرِي أَسَبُعٌ يَفْتَرِسُهُ أَمْ هَامَّةٌ تَلْدَغُهُ، أَوْ عَدُوٌّ يَغْشَاهُ؟  فَذَلِكَ أَعظَمُ أَجرًا مِمَّنْ ذَكَرْتُمْ وَمِنْ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ". 
(تاريخ دمشق، لابن عساكر: 1/ 283).
فالجهاد: إعلاء لكلمة الله، وتمكين لهدايته في الأرض، وتثبيت للدين الحق، ومن ثم كان أفضل من تطوع الحج، والعمرة، وأفضل من تطوع الصلاة، والصوم.
وهو مع ذلك ينتظم كل لون من ألوان العبادات، سواء منها ما كان من عبادات الظاهر أو الباطن، فإن فيه من عبادات الباطن الزهد في الدنيا، ومفارقة الوطن، وهجرة الرغبات، حتى سماه الاسلام «الرهبنة».
فقد جاء في الأثر: «لكل نبي رهبانية ورهبانية هذه الأمة: الجهاد في سبيل الله».
وفيه من التضحيه بالنفس، والمال، وبيعهما لله، ما هو ثمرة من ثمرات الحب، والايمان، واليقين، والتوكل.
«إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم». التوبة 111.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله عزوجل؟ قال: «لا تستطيعونه».
فأعاد عليه مرتين، أو ثلاثا، كل ذلك يقول «لا تستطيعونه».
وقال في الثالثة: "مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت
بآيات الله، لايفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله».
رواه الخمسة.
وهذه المنزلة العظيمة يؤتاها المؤمن تشجيعا على هذا العمل العظيم لأن الدين به يحفظ والعقيدة به تنشر، والمسلمين به يحرسون، والمستضعفين به يعزون ويحفظون، فما ترك الجهاد قوم إلا ذلوا، واستضعفهم عدوهم، وانتهك حرماتهم، واستباح محرماتهم كما يفعل اليوم بالمسلمين نهارا جهارا، 
روى أبو داود (3462) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
فالركون إلى الدنيا والانشغال بملذاتها وشهواتها حلالا كانت أو حراما وإيثار الحياة والراحة والدعة فيها وترك الجها د في سبيل الله يورث المسلمين ذلا وصغارا ومهانة، قال ابن حجر في "الزواجر" :
(الكبيرة التسعون والحادية والثانية والتسعون بعد الثلاثمائة ترك الجها/د عند تعينه ، بأن دخل الحربيون دار الإسلام أو أخذوا مسلماً وأمكن تخليصه منهم . وترك الناس الجهاد من أصله . وترك أهل الإقليم تحصين ثغورهم بحيث يخاف عليها من استيلاء الكفار بسبب ترك ذلك التحصين).
وترك الجها/ د سبب للعقاب والهلاك في الدنيا والآخرة 
قال الله تعالى :
 (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة/195 .

روى الترمذي (2972) عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنْ الرُّومِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ ، فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ! يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ ! فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلامَ ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) فَكَانَتْ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ عَلَى الأَمْوَالِ وَإِصْلاحِهَا ، وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ . فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. صححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال في "تحفة الأحوذي" :

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِلْقَاءِ الْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ هُوَ الإِقَامَةُ فِي الأَهْلِ وَالْمَالِ وَتَرْكُ الْجِهَادِ اهـ

ولذلك صار معلوما ومقررا عند الصحابة أنه لا يقعد عن الجهاد إذا كان فرض عين إلا ضعيف معذور أو منافق ، وهذا ما يحكيه كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف عن تبوك : (فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ) . رواه البخاري (4066) ومسلم (4973) .

وترك الجهاد سبب لنزول العذاب في الدنيا والآخرة .

روى أبو داود (2503) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَمْ يَغْزُ ، أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا ، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ ، أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .

والقارعة هي الدَاهِيَة المُهْلِكَة التي تأتي فجأة , يقال : قَرَعَهُ أَمْرٌ إِذَا أَتَاهُ فَجْأَة .

وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ (38) إِلا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) التوبة/38-39 .

وأما الشهيد فأجره أكبر وأعظم قال رسول الله ﷺ: «لا يكلم أحد في سيبل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيل الله - إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك». صحيح مسلم .
بعد ما تقدم نقول: إن أكبر خطأ وقعت فيه الدول العربية والإسلامية هو استجابتها لضغوطات الغرب المتصهين بمحو مفهوم الجهاد من المنظومة القيمية والتربوية الإسلامية بعد أحداث ١١ سبتمبر بذريعة القضاء على الإرهاب، وتمت تصفية المناهج الدراسية من كل ما يمت إليه بصلة، فمحيت أحكام الجهاد، وصوره وقصص البطولات، وأسماء المجاهدين الأبطال في تاريخ الإسلام أو طمست، ولم يعد العدو التقليدي للإسلام له ذكر في مناهجنا الدراسية في الغالب بل استبدلت بعض الدول ذلك كله بقصص الكفاح والنجاح للفنانين الذين يراد لهم أن يكونوا قدوات للشباب في المجتمعات الجديدة التي يسعون إلى تطويعها بمختلف الوسائل بعيدا عن الإسلام ومنظومته القيمية والعقائدية، فأصبح مفهوم الجهاد ضبابيا عند النشء الجديد وأمرا يدعو إلى الريبة والشك لأنه وصمةٌ بالإرهاب يتجنبها الناس تحت ضغط الإعلام الغربي والعربي المتواطئ معه، وفي المقابل لا يوجد بديل للجهاد سوى الجيوش التقليدية التي تتبنى عقائد عسكرية قطرية محدودة، وعادة ما تكون أدوات لحماية الأنظمة  وهي جيوش ثبت فشلها وضعفها في أغلب المواجهات المصيرية الكبرى للأمة أجمع. 
وهذا كله جعل أمتنا أمة ضعيفة ذليلة لا يحسب لها أحد حساب إلا بمقدار ما يحتاج من أموالها وثرواتها، وأصبحنا ننتظر العدل من الغرب وأميركا بذريعة القانون الدولي وحقوق الإنسان التي يزعمون التزامها، وأقول لمن ينتظر العدل والإنصاف من الغرب ومن أميركا إسمع قوله تعالى:
﴿ ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ﴾ [البقرة: ١۰٥] 
﴿ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ﴾ [البقرة: ١٢۰] 
﴿ ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ﴾ [آل عمران: ١٤۹] 
إنما النصر من عند الله وتحت رايته فلا نصر للمسلمين إلا بالقتال جميعا صفا واحدا ويدا واحدة
﴿ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ﴾ [الصف: ٤] 
إن عدونا يقاتلنا تحت راية كفرية واحدة عبر عنها ماكرون ونتنياهو بالأمس ويضربون لأجل هذا كل قوانينهم التي يسمونها دولية وكل الحقوق التي يسمونها إنسانية لأنهم لا يروننا بشرا بل حيوانات كما قال نتنياهو ويرون لهم الحق في قتلنا صغارا وكبارا لأن دينهم المحرف يأمرهم بهذا،
ففي أسفار التوراة التي يتداولها اليهود، تقرير شريعة الحرب والقتال في أبشع صورة من صور التخريب والتدمير والاهلاك والسبي.
فقد جاء في سفر التثنية في الاصحاح العشرين عدد ١٠ ومابعده، ما يأتي نصه: «حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك بالتسخير، ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربا، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك، فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء، والاطفال، والبهائم، وكل ما في المدينة، كل غنيمتها فتغنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا، التي ليست من مدن هؤلاء الامم هنا، وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تبق منها نسمة ما، بل تحرمها تحريما - الحثيين والاموريين، والكنعانيين، والفرزيين، والحويين، واليوسيين، كما أمرك
الرب إلهك».
وفي إنجيل متى المتداول بأيدي المسيحيين، في الاصحاح العاشر عدد ٢٤ وما بعده يقول: "لا تظنوا أني جئت لالقي سلاما على الارض، ما جئت لالقي سلاما، بل سيفا، فإنني جئت لافرق الانسان ضد أبيه والابنة ضد أمها، والكنة ضد حماتها».

وفي سفر حزقيال 9: 6 وَاضْرِبُوا لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.
وفي سفر إشعيا 13 : 16 يقول الرب : “وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم“
و في سفر يشوع 6: 22-24 ” وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. … وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ“
وهذا هو ما فعلوه بالضبط في الفلوجة والموصل وأفغانستان وسوريا واليوم في غزة.
بل قبل ذلك فعلوه في كل حروبهم الصليبية والاستعمارية، يقول المطران الصليبي الإسباني "برتولومي دي لاس" الذي كان شاهد عيان على الإرهاب الصليبي المستمد من الكتاب المقدس في جرائم الإبادات للهنود الحمر ص28: 

كان المسيحيون يدخلون القرى فلا يتركون طفلا أو حاملا أو امراة إلا ويبقرون بطونهم ويقطعون أوصالهم كما يقطعون الخراف بالحظيرة، وكان النصارى يتراهنون على من يشق رجلا بطعنة سكين، أو بقطع رأسه أو بدلق أحشائه بضربة سيف، وكانوا ينتزعون الرضع من أمهاتهم ويمسكونهم من أقدامهم ويرطمون رؤوسهم بالصخور، وكانوا يسفّدون الطفل وأمه بالسيف "يعني كما تقوم بتقطيع اللحم بالسكين" وكانوا يحرقون لهنود الحمر وهم أحياء، وكانت فنون التعذيب أنواع عدة، وكانوا يقطعون أيديهم قطع ناقص لتبقى معلقة بأجسادهم، بالإضافة الى أنهم كانوا يصنعون لهم مشواة ويوقدوا نار هادئة تحت هؤلاء المساكين حتى يموتوا ببطء تحت العذاب والألم والأنين.

فكيف ننتظر منهم نصرا أو عدلا أو تطبيق قانون ينصفنا.
إن القوانين قد وضعت لهم وحدهم فإذا كانت لغيرهم وجدوا مائة ذريعة كاذبة لخرقها أو نبذها بصمت ودون تسويغ؛ لأن العالم كله لا يعنيهم، هذه هي حقيقة الغرب، فكيف نحرص نحن على استجداء العدل منهم،
فاستقوى علينا الضعيف، وأنشب فينا مخالبه المستقوي، وهذا مصداق لما أوردناه من النصوص والآثار، ولا سبيل لنقض هذا الواقع وقلبه رأسا على عقب إلا بجملة أمور لعل أهمها:
 - الرجوع إلى دين الله سبحانه وتعالى والاستمساك بالعروة الوثقى عروة عقيدة التوحيد التي تمسك بها الصحابة فأخلصوا دينهم لله سبحانه، وملكوا الدنيا وخضعت لهم رقاب اليهود والنصارى وأن نربي على هذه العقيدة أبناءنا منذ الصغر.
 - إن هؤلاء قوم لا يحسبون حسابا لأحد إلا القوي، وهذا الذي يجب على الدول الإسلامية التزامه: إعداد كل وسائل القوة، والتوحد تحت راية الإسلام وحده، لا وطنية ولا قومية ولا فئوية بل إسلامية عقدية مبدؤها ومنتهاها عقيدة التوحيد، ونظامها شريعة الإسلام، وهذا الذي يرعبهم ولذلك عمدوا منذ قرون إلى إيجاد مسميات مختلفة لحروبهم ضدنا ليست دينية في ظاهرها لكي لا يلجأ المسلمون إلى دينهم فيتوحدوا ضد عدوهم لأن الدين وحده هو الذي يوحد الشعوب الإسلامية، وهذا ما نحتاجه اليوم أمة مسلمة واحدة تقاتل يدا واحدة وتضرب ضربة رجل واحد.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
(ولينصرن الله من ينصره).
 - أن نعد العدة المادية والمعنوية قبل القتال وبعده، فنكون على أهبة الاستعداد حتى يصدق فينا وفيهم قوله تعالى: ﴿ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الحشر: ١٣] .
 - أن تعود إلى مدارسنا ثقافة الجهاد والإعداد، وتعليم النشء الجديد أن لنا عدوا دائما هو من يحتل أرض فلسطين من اليهود، ومن يهدد وجودنا من النصارى وأن الله أمرنا بمعاداتهم والإعداد لمواجهتهم والبقاء على استعداد لذلك.
 - الإعداد البدني للشباب وتدريبهم على الاستعمال الاحترافي للسلاح والرمي بمختلف أنواعه كما أوصانا نبينا حين قال: ألا ان القوة الرمي ثلاثا.
 - إشاعة روح التعاون والتكافل بين المسلمين جميعا وأنهم جميعا كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، بغض النظر عن جنسياتهم وقومياتهم وبلدانهم، وأنهم في مقبض السيف واحد، وأن عدونا يقاتلنا جميعا فلا بد أن نقف بوجهه جميعا، وأن من يتخلى عن أخيه اليوم فقد يؤكل غدا.
 - التذكير بالجهاد والإعداد في كل الوسائل الإعلامية المتاحة واستغلال القدرات المؤثرة من الشباب والمحترفين ونشر صور القتال والنصر التي تذكي في النفوس الحماس والقوة، والاستمرار في مواكبة التطورات الجارية في هذا المجال.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

الجمعة، 20 أكتوبر 2023

حرب الطوفان ووعد الله القادم

 ‏ألكسندر دوغين فيلسوف روسي قال مستشرفا ما سيحدث بعد قصف مستشفى المعمداني:

يبدو أن الهجوم على المستشفى في غزة والصور الصادمة للأطفال والنساء الذين قتلوا قد أثر على الجميع في العالم. وخاصة المسلمين. ربما لا يوجد مسلم الآن لا يريد الانتقام بأشد الطرق جدية. وهذه ليست سوى مقدمة للإبادة الجماعية، فالعملية البرية لم تبدأ بعد. إن الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل، بما في ذلك دعم ترامب، يجعل الوضع لا رجعة فيه. على الأرجح، أصبحت حرب العالم الإسلامي ضد الغرب أمرا لا مفر منه. لا ينبغي الاستهانة بالمسلمين. بالإضافة إلى ذلك، فإن جمود بايدن وإدارته لا يترك للولايات المتحدة فرصة لتكون فوق النزاع. بالنسبة للمسلمين، إسرائيل = الولايات المتحدة الأمريكية.
أقول:
هذا الذي قاله الفيلسوف الروسي ليس مجهولا عندنا بل إن القرآن والسنة زاخران بفحواه، قال الله سبحانه وتعالى: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ) فهذه عداوة مطلقة لا يجهلها إلا من على قلوبهم أقفالها، ونصوص القرآن كثيرة وواضحة في ذلك فالغرب كله (النصارى من أهل الكتاب) وإسرائيل (اليهود من أهل الكتاب) كلهم معادون لنا على امتداد التاريخ وظهرت عداوتهم واضحة في حروبهم الصليبية قبل حقبة الاستعمار ثم بعد الحرب العالمية حين تنازعوا بينهم وأرادوا نظاما عالميا جديدا قائما على احترام كرامة الإنسان وحقوقه، استكثروا أن يتمتع المسلمون بهذه الحقوق فكانت معاييرهم مزدوجة وقراراتهم منحازة ضدنا ولم يرغبوا في رؤية دولنا مستقلة ذات سيادة بل أوجدوا في قلبها هذا الكيان اللقيط المسمى إسرائيل وجعلوه كمسمار جحا في حائطنا وأمدوه بكل أنواع الأسلحة والتمكين وبالمقابل حرموا بلادنا من كل المقومات الأساسية لبناء الدول القوية وسلطوا علينا كلابهم تنهش في أجسادنا وتشرد أبناءنا وتقضي على كفاءاتنا العلمية وتهجر ذوي العقول الراجحة الذكية فصرنا هياكل دول ولا دول ليكون كيانهم اللقيط هو الأقوى في المنطقة وليحافظوا على توازن الضعف ويبقوا على ضعف التوازن ، ولم يكتفوا بذلك بل أجبروا كلابهم على المضي قدما في الانبطاح لنظام يحتل أرضهم فطبعوا معهم وصاروا عونا لهم على إخوانهم ثم أخذتهم العزة بالأثم لينهالوا على أصحاب الأرض بالقتل والتشريد والسجن متى ما شاؤوا وإذا وقف بوجههم أحد رشقوه بتهمة الإرهاب الجاهزة
الآن هذا كله ليس مهما والانتقام ليس هو الهدف بل الواجب الآن على شعوب المسلمين جميعا أخص الشعوب فقط أن يرسخوا جملة من المفاهيم:
- أولها وقبل كل شيء وبعده يجب على الأمة ترسيخ عقيدة الكتاب والسنة بفهم الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان في عقول أبنائها لأن بدونها لا فائدة من أي عمل (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) الزمر ٦٥. فلا شيء نواجه به العدو أفضل من إخلاص التوحيد لله سبحانه وتعالى والتخلي عن أنواع الشرك وصوره ونبذ كل يخالف هذه العقيدة.
- وثانيها ما ورد أعلاه أن إسرائيل هي أميركا، وأميركا هي الغرب النصراني المتصهين بأكمله وهم العدو الحقيقي لكل المسلمين فيجب على المسلمين ان يفهموا ذلك جيدا وان يتخذوهم عدوا ويبدأ ذلك من العودة إلى المعتقد الصحيح في معاداة الكفار والتبرؤ منهم شعوريا وعمليا وهذا لا يعني أن نعيش في عالم آخر بل نزن تعاملنا معهم بميزان العقيدة والشرع ثم العمل على الاستقلال عنهم قدر المستطاع وفي حدود الممكن وهنا لا بد للشعوب من التنبه لحملة التغريب التي يعمل عليها أبواق أميركا من منافقين وزنادقة وعلمانيين ويدعون إليها ليلا ونهارا لغسل أدمغة الشباب ومسخ هويتهم الإسلامية وإغراقهم في نمط الحياة الغربية المنحلة.
وقد انكشف هؤلاء وانكشف زيف البريق الكاذب للحضارة الغربية ونمط حياتهم الشاذ المنحرف وهذه الأحداث الأخيرة زادته جلاء ووضوحا.
- الأمر الآخر يجب أن نعلم أن حقيقة الصراع هو معركة بين الإيمان والكفر بين الحق والباطل وليس بين اليهود والعرب ولا بين الشرق والغرب ولا بين الاحتلال والمقاومة فهو صراع ممتد من الماضي وسائر إلى المستقبل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، يهدأ حينا من الزمن ثم ما يلبث أن يشتعل من جديد تأكيدا لما سبق من أن الكفار لا يريدون للمؤمنين خيرا، وأنهم يخشون من ظهور الحق لأنهم يعلمون جيدا بطلان مسارهم، ولذلك أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة وأن الجنة تحت ظلال السيوف وأن رزقه تحت ظل سيفه وأن الأمة عزيزة ما دامت تجاهد في سبيل الله وتعد لذلك، وأنها متى ما تركت الجهاد ذلت.
- إن أعداءنا قد بدؤوا هذا الصراع منذ وقت طويل تحت غطاء إعلامي وفكري مضلل ليبقونا غائبين عن وعي الحقيقة، فقد بدأ هذا الحراك منذ عام ١٩٠٥م بمؤتمر كامبل وهو مؤتمر انعقد في لندن عام ١٩٠٥ واستمرت جلساته حتى ١٩٠٧، بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين وكان يهدف إلى إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن. وقدم فكرة المشروع لحزب الأحرار البريطاني الحاكم في ذلك الوقت، وضم الدول الاستعمارية في ذاك الوقت وهي: بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا. وفي نهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية سموها «وثيقة كامبل» نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بانرمان. وهو أخطر مؤتمر حصل لتدمير الأمة العربية خاصة (الإسلامية عامة) وكان هدفه إسقاط النهضة العربية الإسلامية وعدم استقرار المنطقة لكي لا تقف بوجه الغرب وتهيمن عليه لأنها الكيان الوحيد المرشح لذلك في المستقبل البعيد لما يملكه من إمكانيات ومؤهلات تاريخية وجغرافية واجتماعية. وهذا يعني وفق الوثيقة أن "خبراء الغرب" وجدوا في إنشاء كيان غريب (هو الكيان اليهودي الصهيوني لاحقاً) في غربي البحر المتوسط (وخصوصاً فلسطين) وسيلة لإيجاد قلعة متقدمة ترعى المصالح الغربية، وتضمن ضعف المنطقة وتمنع وحدتها، وهو ما حدث ويحدث فعلاً بغض النظر عن صحة الوثيقة أو زيفها. ولذلك نرى تهافت القادة الغربيين على هذا الكيان وتأييدهم له، ومده بمختلف أنواع الأسلحة ليحافظوا على تفوقه العسكري وضمان بقائه لأطول مدة ممكنة لأن في بقائه ضمان لتفوقهم وبقائهم.
- يجب أن ندرك جيدا ونضع نصب أعيننا دائما أن المسلمين لم يقاتلوا في أي وقت مضى بكثرة عدد، ولا بكثرة عدة وقوة، بل بإعداد المستطاع وبسلاح الإيمان الذي لا يتزعزع، لذلك أمر الله سبحانه بإعداد المستطاع فقال: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: ٦۰] فهذا الإعداد على محدوديته يرهب أعداء الله المباشرين بالحرب ويرهب من وراءهم ممن يوالونهم أو يؤازرونهم، يرهبهم بقوة الإيمان وبمدد الله الذي ينزله على من يشاء من عباده، وقد كان عمر رضي الله عنه يقول لجنده من الصحابة الكرام والتابعين لهم وهم في جهادهم: إذا استوينا نحن وعدونا بالذنوب تغلبوا علينا بقوتهم..
فجوهر الحرب في الإسلام هو الإيمان والإخلاص لله سبحانه وتعالى والالتجاء لحوله وقوته، وحينها تنتصر الفئة المؤمنة ولو كانت قليلة، وتخسر الفئة الكافرة ولو كانت كثيرة، وفوق هذا كله فالله يفعل ما يشاء يعز من يشاء ويذل من يشاء ويبتلي الفئة المؤمنة ليخلصها له ويمحصها من كل شائبة وينصرها متى شاء ويمد الكافرين في غيهم وتعنتهم ليزدادوا إثما فوق إثمهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر وهو سبحانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ... وهو على كل شيء إذا أراد قدير..
- إن المواجهة بالنسبة لنا قد بدأت فعلا منذ احتلال أفغانستان والعراق والتدخل في سوريا ولكنها كانت تحت سيطرة العدو فكان يحيدها عن باقي الأمة ليستفرد بالبلدان الإسلامية بلدا بلدا، زارعا الشقاق بين هذه البلدان ومحتويا بعضها، ومطبعا مع الأخرى، ومرهبا بعضها بسيل الدعايات الإعلامية المبالغ فيها جدا لقوة العدو؛ لينزع الإيمان من قلوب الشعوب باستسلامها لقوة الوسائل المادية ثم توكل الشعوب فعلا على تلك الوسائل فتنسلخ من قوة إيمانها بربها وبأنه هو القوي العزيز الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء.
- إن هذه حرب والحرب سجال يوم لنا ويوم علينا ولكنها مستمرة والنصر فيها محسوم للمسلمين بوعد الله سبحانه وهو لا يخلف الميعاد، (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) الروم ٤٧. (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) التوبة ١٨٩. ووعدنا بألا يكون للكافرين علينا تغلب ولا تسلط دائم وأنهم لن يضرونا إلا أذى (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) النساء ١٤١. (لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون) ال عمران ١١١. ووعدنا النبي صلى الله عليه وسلم بمحاربة اليهود والنصر عليهم في الأحاديث المشهورة.
- يجب إعادة عقيدة الجهاد إلى مناهجنا الدراسية بأحكامه ووسائله وصوره وقصص الجهاد والاستشهاد التي قدمها الجيل الأول من الصحابة ومن تبعهم بإحسان لتذكي روح الجهاد والاستشهاد في نفوس النشء الجديد والشبيبة وتبقيهم على صلة بتاريخ أمتهم وحاضره.
- المساهمة الفاعلة في وسائل الإعلام بكل ما يستطيعه الفرد المسلم، لما لها من أثر في إنهاض الأمة وشبابها، ومن التأثير في الأعداء من خلال الزخم القوي لصور الجهاد وإيلام العدو وضعفه وجبنه وكسر هيبته وشوكته، فإنها جزء من الإعداد الذي أمرنا الله به.
ومع كل ذلك لابد من الأخذ بكل الأسباب المادية والمعنوية والتركيز على تزكية النفوس وربطها بربها، وتنقية القلوب والنفوس من حب الشهوات والتعلق بالدنيا وإخلاصها لله سبحانه وربطها به وحده فهذا الحبل المتين إذا انعقد لا يستطع البشر حله مهما كانت قوته والله غالب على أمره وهو أعلم بأعدائنا وكفى به وليا وكفى به نصيرا.

الخميس، 28 سبتمبر 2023

الإعراض عن الحق اتباع للهوى

لم تُكذِّب قريشٌ النبيَّ ﷺ عن دليل واضح عندها، ولا عن بينة مستيقنة، بل عن عناد وهوى ومكابرة، ولذلك ذهبت تبحث عن الدليل عند اليهود، فأرشدهم اليهود إلى أن يطلبوا من النبي ﷺ آيات كآيات موسى ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ﴾ [القصص: ٤۸] فأخزى الله الاثنين؛ لأنهم خالفوا الأدلة الواضحة المتمثلة بالكتب المنزلة، فكفر اليهود بالتوراة والآيات الأخرى، وكفرت قريش بالقرآن وما أتى به النبي ﷺ فأمر الله سبحانه نبيه بتحديهم بأن يأتوا بكتاب من عند الله وحينها سيكون تابعا له، فقال سبحانه:
﴿ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [القصص: ٤۹] وهذا ديدن الأنبياء ومن تبعهم على الحق أن يذعنوا لما أنزل الله وأن يحكموا به ويتحاكموا إليه وحده، لا إلى عقولهم ولا إلى أهوائهم، والحق أن كل من خالف الرسل والأنبياء ولم يستجب لهم ولسنتهم فإنما خالفهم لهوى في نفسه، وهذا الهوى قاده إلى الضلال، لقوله سبحانه: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: ٥۰] 
وذلك سارٍ في كل الأمم فقد خالف اليهود أنبياءهم حتى عبدوا العجل، وخالف النصارى نبيهم وبالغوا في تعظيمه حتى اتخذوه إلها، وخالف قوم نوح حتى عبدوا الصالحين فاتخذوا ودا وسواع ويغوث ويعوق ونسرا آلهة بعدما بالغوا في تعظيمهم، وهذا شأن كل من يخالف الأنبياء والرسل بعقله أو بهواه يستدرجه الشيطان فيزين له المخالفة ثم يسول له المحدثات في الدين ثم يستدرجه لما هو أكبر من ذلك والعياذ بالله!
 نسأل الله العفو والعافية.

الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

خطر البدع

إن أمر البدع في الدين خطير جدا، ولا يظنن أحد أن التحذير منها مبالغة في النصح، بل هو خوف على المسلمين من ضلالات يرتكبونها تودي بهم وهم لا يعلمون، وقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم شديدي التحذير منها والتنكيل على أصحابها من ذلك ما حكاه ابن العربي عن الزبير بن بكار قال: سمعت مالك بن أنس _إمام دار الهجرة_ وأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد _يقصد المسجد النبوي_ فقال: لا تفعل. قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر. قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة. فقال: وأي فتنة هذه؟ إنما هي أميال أزيدها. قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصَّر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إني سمعت الله يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم).
قال الشاطبي: وهذه الفتنة التي ذكرها مالك رحمه الله تفسير الآية هي شأن أهل البدع وقاعدتهم التي يؤسسون عليها بنيانهم فإنهم يرون أنما ذكره الله في كتابه وما سنه نبيه صلى الله عليه وسلم دون ما اهتدوا إليه بعقولهم.
الاعتصام 1 /174 .
وهذا هو الخطر العظيم فكل بدعة في الدين سواء كانت قولية عقدية أو فعلية تعبدية إنما بدأت باستحسان صاحب البدعة لها بعقله ورغبة بحسن نية إلى أن يسبق من سلف أو أن يبالغ في العبادة ثم تنتشر البدعة ويزيد عليها كل من استحسنها شيئا جديدا وهكذا حتى تصبح تغييرا لدين الله، وكان السلف الصالح رحمهم الله يقولون : إن كل بدعة جديدة يضيع صاحبها من السنة والدين أكثر منها. 
وهذا ما نراه في الواقع فكل أصحاب البدع تجدهم من المضيعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المفرطين في الفرائض وما جذبتهم البدع إلا بما وافقته من أهوائهم وشهواتهم ولذلك يخشى على أهل البدع من الفتنة والردة، وقد سبق في البدع قوم فمرقوا من الدين وارتد بعضهم وختم لهم بسوء مثل: الخوارج والمرجئة والقدرية والباطنية وغيرهم من أهل البدع.
نسأل الله أن يرحم هذه الأمة ويردها إليه ردا جميلا وأن يحفظنا بالدين ظاهرا وباطنا وأن يختم لنا بخير.
#كل_بدعة_ضلالة
#كل_ضلالة_في_النار
#اتبع_ولا_تبتدع
#السنة
#عقيدة_أهل_السنة_والجماعة
#البدعة

الخميس، 21 سبتمبر 2023

كلمة في المولد

اعلموا أيها الأخوة أن للمسلمين عيدين فقط: عيد الفطر وعيد الأضحى، ومن جمع الناس في غيرهما كل عام احتفالا وابتهاجا فقد ابتدع في دين الله عيدا ثالثا، وزعم أن في الإسلام نقصا جاء هو ليتمه، والله سبحانه وتعالى يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
 ومن يريد الدعوة إلى الله فليدع كل يوم، فالمساجد مفتوحة ودروس العلم مشروعة والأسواق مملوءة بالناس فمن شاء فليدع إلى الإسلام كما دعا رسول الله ﷺ وليأمر بالمعروف كما أمر رسول الله ﷺ وصحابته الكرام ولا يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، وليعتبر بما يراه فيما يجاوره من مواسم القوم التي نراها كل سنة في مناسبات ما أنزل الله بها من سلطان يختلط فيها الرجال بالنساء وتمزج بالمعازف والغناء وتترك فيها صلاة الفريضة وتمارس فيها الفواحش ، وفي كل سنة تتطور البدعة ويتسابق الناس لابتداع المزيد حتى تشوه الدين عندهم وزاغوا عن جادة الصواب.
 إن شأن البدع أيها الأخوة خطير جدا فهي تبدأ صغارا ثم تنتهي بطامات ومصائب؛ لأنها من خطوات الشيطان التي نهانا الله سبحانه عنها إذ قال: ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) إن مما يؤلم اليوم من حال المسلمين أنهم يتركون سنة النبي ﷺ لأنها سنة وليست بفرض ثم يلتزمون البدعة بدعوى محبة النبي ﷺ وقد نهى ﷺ عن الابتداع في الدين بقوله: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وبقوله: ( أما بعدُ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، وإنَّ أفضلَ الهديِ هديُ محمدٍ ، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها ، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ) ومن ادعى أن الاحتفال بالمولد تعبير عن حبه لرسول الله ﷺ فقد أثبت على نفسه أنه لا يحبه إلا يوما واحدا في العام، وهو قطعا لا يعترف بهذا، ورسول الله أعظم من أن يكون له يوم واحد في العام بل المؤمن الحقيقي يعبر عن حبه لرسول الله ﷺ كل يوم بالتزام سنته وطاعته واتباع أوامره، (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وإن طاعته واتباعه من محبة الله العزيز الحكيم (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) 
وأما الذي يخالف سنته كل يوم ويعصي أمره ويخالف الشرعة التي جاء بها ثم يأتي ليحتفل بمولده إظهارا لحبه وابتغاء للأجر، فهذا يخادع نفسه ويتمنى على الله الأماني والله سبحانه وتعالى يقول: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ) فهيهات هيهات إن المحب لمن أحب مطيع.
وأنا أقدر أن بعض الدعاة من غير غلاة الصوفية يحرصون على مناسبات بدعية ويجيزونها لأنهم يرون فيها فرصة لدعوة الناس وتعليمهم دينهم ولربطهم بالمساجد، ويرون في ذلك سنة حسنة وليست كذلك؛ لأن السنة الحسنة هي التي يكون لها أصل في الشرع كما في الحديث المشهور من بذل خير أو إظهار صدقة أو نشر علم كما هو معلوم، وإلا لجاز لكل أحد أن يأتي بما يراه حسنا فيزيد في الدين ما يشاء، فأقول لهؤلاء الأفاضل: إن في الإسلام أبوابا كثيرة للخير والعمل الصالح والدعوة إلى الله، وأنتم ولجتموها وجربتموها من خطب الجمعة، ودروس العلم، ودورات القران، وغيرها، وكلها أمور لها أصل مشروع في الدين ومنها ما هو واجب، فلماذا تتجهون إلى ما فيه تشبه بغير المسلمين وبالفرق الضالة التي بان انحرافها وظهر عوارها للقاصي والداني؟ 
إن ما يميز أهل السنة عن غيرهم من الفِرَق هو الاتباع لا الابتداع، فلا تكثروا سواد أهل الزيغ فقد تحبط أعمالكم وأنتم لا تعلمون .
إن ما تحتجون به من حجج وتستدلون به من أدلة قد رد عليها العلماء وهي مردودة باطلة واضحة البطلان يسهل على أبسط طالب علم أن يفندها جميعا، فلا تتمسكوا بخيوط العنكبوت لتنسجوا منها أوهاما يتبعكم عليها السذج من عوام الناس ومن أصحاب الأهواء فتحملوا أوزارهم مع أوزاركم يوم القيامة فأنتم مؤتمنون على هذا الدين تبلغونه كما نزل وتعلمونه للناس كما أراد الله لا كما شئتم فالله سبحانه أمر نبيه ﷺ بالاستقامة على أمر الله فقال: (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير) فكيف بالعلماء والدعاة؟ إنه لحري بهم أن يتقوا الشبهات ويجتنبوا الموبقات فضلا عن البدع المحدثات، وأن يستبرئوا لدينهم وأمانتهم. وألا يغلوا في الدين كما فعل النصارى حين غالوا في أنبيائهم فجعلوهم آلهة من دون الله، فقال الله لهم (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله).
 وأذكركم بأن الإسلام غاية نبيلة ولا يتصور أن تصل إلى غاية نبيلة بغير ما شرع الله ففي ديننا الغاية لا تبرر الوسيلة.
 ولا تكونوا كعلماء بني إسرائيل فتحرفوا النصوص أو تلووا أعناقها لتنالوا هوى نفوسكم، بغضا في مخالفيكم (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا) وتتبعوا الحق فأنا أعلم أن البعض يبغضون السلفية فيميلون إلى مخالفتهم ولا يذعنون للحق فقط لأنه صادر منهم وهم بهذا يضعون أنفسهم في صف أهل البدع والضلالة ليقال فقط: إنهم معتدلون، وما يغني عنكم ما يقوله القوم من الله شيئا.
إن الحق أيها الإخوة أحق أن يتبع والدين الحق المتمثل بالكتاب والسنة يعلو ولا يعلو عليه أحد 
والله أسأل أن يهدينا جميعا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم  وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يردنا إليه ردا جميلا إنه سميع مجيب.
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد!

الجمعة، 18 أغسطس 2023

خطر الديمقراطية على المسلمين

عندما انقطع الوحي عن هذه الأرض لم يبق شيء تحتاجه الأمة المسلمة إلا وقد أرشدها الله ورسوله إليه، لا شيء يصلح دنياها وآخرتها إلا وقد علمت طريقه أو سارت على مدارجه مستنيرة بوحي الكتاب والسنة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ ) (المائدة ‎٣) وسارت الأمة على ذلك قرونا طويلا متمسكة بدينها ومعتزة بهويتها، ثم طال عليها الأمد فتنكبت عن صراط ربها واتبعت بدع الأمم الأخرى فنالها مما نال تلك الأمم من تيهٍ في ظلمات الزَّيغِ عن منهج الله سبحانه، ومن أشد البدع التي يتهالك عليها الناس في زماننا هي الديمقراطية التي جاء بها الغرب ليتسلط بها على رقاب العالم اجمع وهي في أبسط تعريف لها: (حكم الشعب للشعب) أو (حكم الشعب لنفسه) أو (الشعب هو مصدر السلطة) وهو حكم في ميزان


الاسلام باطل واعتقاده كفر هو وما يتطلبه من وسائل، مثل الأحزاب السياسية والانتخابات والبرلمانات التي تشرع القوانين فتحلل ما تراه هي حلالا، وتحرم ما تراه هي حراما، ففي الاسلام لا يوجد حكم لغير الله سبحانه وتعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ يَقُصُّ الْحَقَّ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) (الأنعام ‎٥٧) هو سبحانه الذي يشرع ما يشاء ويقر ما يشاء ويمحو ما يشاء وليس لأحد من البشر ذلك إلا ما اذن به لرسله، فهم لا يحكمون إلا بما يرضى، وهم منزهون عن مخالفة أمره، أو اتباع أهوائهم (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ‎، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (النجم ٣-٤) وأما حكم الشعوب لنفسها كما تدعي الديمقراطية فليس بمقبول عند كل ذي عقل فكيف للشعب أن يقدم قوانينه وتشريعاته على قوانين الله وهديه (قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه) (البقرة ١٤٠) وماذا إن أرادت الشعوب تشريع ما لا يصلح لها أو يضر ببعضها لمصلحة بعض، أو تحابي بعضها على حساب بعض كما نراه في واقع ما نعيشه اليوم في البلاد المسلمة التي تحكم بالديمقراطية. إن هذا من شأنه أن يقلب الموازين فيكون الشيء الحرام في زمن حلالا في آخر! كما شهدت ذلك أشهر ديمقراطية في العالم وهي أمريكا في العقد الثالث من القرن العشرين حيث شرعت قوانين تحرم الخمر بيعا وشراء وتعاطيا بعد أن ظهر لها أن الخمرة أم الخبائث! وأنها هي السبب الرئيس لكثير من الجرائم والأمراض والمشاكل الاجتماعية! لكن الشعب الأمريكي لم يصبر على ذلك فأصدر قرارا بتحليلها وإباحتها من جديد فكان الشعب هو الذي يحلل ويحرم وما رآه بالأمس حراما صار اليوم حلالا! مع القناعة بالضرر، ولا يرضى بذلك عاقل لأن المحرمات خاصة هي ما قضى الله أنها محرمة وقدر عليهم ذلك تضر بالناس وتكدر عيشهم وإن جهلوا ذلك فليس لهم أن يقدموا شهواتهم على دين الله.

 والأشد من ذلك كله والأنكى منه أن تُعدَّ مجالس خاصة تسمى مجالس التشريع أو البرلمانات وهي تصنف على أنها أعلى سلطة في النظام الديمقراطي لأن لها الصلاحية في تشريع القوانين البشرية التي يراها ويتفق عليها أعضاء هذه البرلمانات المنتخبون من الشعب وأي كفر أعظم من هذا أن يذهب المسلم برجليه لينتخب أشخاصا مؤيدين منه، وممثلين له في سن القوانين التي يضاهى بها حكم الله وتشريعه، بمعنى أنه يعطيهم صفة من صفات الألوهية التي لا تكون إلا لله سبحانه وتعالى وهذا هو الخطر العظيم الذي لا يدركه أكثر المسلمين ممن يشاركون في هذه الانتخابات مهما اختلفت تسمياتها وقد رأينا في بلادنا الكثير من عوار هذه الديمقراطيات التي لا ينتفع منها إلا مشرعوها! فأعضاء البرلمان العراقي مثلا لا يألون جهدا في فرض القوانين التي تتفق مع مصالحهم الحزبية والفئوية والطائفية والشخصية وكان أبرز قانون شرعوه في إحدى دوراتهم التي تسمى تشريعية هو القانون الذي يضمن لهم مستحقات تقاعدية كبيرة جدا بعد مدة خدمة لا تتجاوز أربع سنوات، بينما أبناء الشعب الآخرين يكدحون لسنوات طويلة تتجاوز العشرين سنة ولا يحصلون على عشر ما يحصل عليه هؤلاء الفاسدون وهذا دليل ظاهر على جور القوانين البشرية التي يضعها الإنسان لتكون بديلا عن قانون الله وشريعته التي تحقق العدالة بين الناس، فهؤلاء محكومون بمصالحهم وبهواهم أما شريعة الله فهي منزلة من الإله العادل العظيم المنزه عن كل سوء! والحديث في هذا يطول ونرى له أمثله كثيرة في بلادنا.

وإنما وجدت الديمقراطية في العالم أجمع ليس لإرساء مبدأ المساواة كما يدعون بل لتحقيق مصالح الطبقة الحاكمة ولذلك يتسابق هؤلاء على الوصول إلى سُدَّة الحكم ويتنافسون عليها ويبذلون لها الملايين من الدولارات. فليس في الديمقراطية مساواة أبدا والدليل على ذلك الفرق الشاسع في الثروات بين الحكام والمحكومين.

 ومن وسائل هذه الديمقراطية هي الانتخابات وهي في ميزان الإسلام مرفوضة أيضا لأسباب عديدة أهمها وأخطرها أنها تؤسس لمنهج كافر تُساس به البلاد والعباد، وتمنح البشر حقا ليس لهم وهو التشريع الذي هو من خصائص الإله الخالق المسيطر المدبر، ثم يأتي بعد ذلك سبب آخر يرفضه الإسلام وهو منح حق الانتخابات للجميع للمسلم والكافر، للصالح والطالح، للرجل والمرأة، والله سبحانه وتعالى يقول: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون) ويقول سبحانه: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ) (آل عمران ٣٦) فكيف تمكن المرأة من الترشح للانتخابات ثم ترتقي بهذه الانتخابات لتصبح وزيرة أو حاكمة؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أفلح قوم ولو أمرهم امرأة" وفي الانتخابات يترشح كل من يرغب في ذلك صالحا كان أم طالحا، نزيها أمينا أم خائنا، مصلحا أم مفسدا، وهذا كله لا يجوز في شرع الله ولذلك لا تأتي هذه الانتخابات بخير للناس أبدا بل تساهم في تمزيق الشعوب وهدر أموالها وإفقار الناس فيها لمصلحة شرذمة قليلة لا تتقي الله ولا تراعي في الناس إلًّا ولا ذمَّة.

الحاصل أن الديمقراطية نظام حكم غربي اعتمدته الدول التي فكت ارتباطها بأديانها بعد تحريفها واعتزالها للحياة أما في الاسلام فلنا نظام حكم متكامل وشريعة ربانية حكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأُمر بها بقوله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (الجاثية ١٨) وقد بين الله سبحانه أن الحكم بغير ما أنزل الله من الجاهلية فقال: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة ٥٠) وجعل نبذ حكم الرسول ناقضا للإيمان قال سبحانه: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء ٦٥) فلا يكفي التحاكم لدين الله سبحانه بل يجب الرضا به والتسليم له ومن يرتضِ هذه الجاهلية فقد خرج عن دين الله ويجب على أهل الإسلام معاداته وبغضه في الله وتحرم مودته وموالاته، قال الله عز وجل: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) (الممتحنة٤). وقد ذكر علماء أهل السنة في نواقض الإسلام أن كل: "من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر ومن اعتقد ان بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر لقوله تعالى: ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران ٨٥) قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ويدخل في [هذا] من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام أو أنها مساوية لها أو أنه يجوز التحاكم إليها ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل أو أن نظام الاسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين أو أنه كان سببا في تخلف المسلمين أو أنه يُحصَر في علاقة المرء بربه دون أن يتدخل في شؤون الحياة الأخرى". فاذا كان من يرضى بحكم الديمقراطية وتشريع القوانين وفقا لبرلماناتها هذا حكمه فكيف بمن يشرع تلك القوانين أو ينتخب من يشرع تلك القوانين؟! إنه لأمر خطير على عقيدة المسلم ويجب عليه الاحتراس لدينه!

 وقد سئل الشيخ الفوزان عمن يقول: "الشعب مصدر السلطات" فأجاب هذا كفر وإلحاد. مصدر الحكم هو كتاب الله وسنة رسوله وليس مصدره الشعب. هذا مذهب العلمانيين الليبراليين وليس هو منهج الإسلام. نحن مصدرنا ومرجعنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم". وقال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله في الديمقراطية: "فمعناها الغاء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وليس هناك ديمقراطية إسلامية، بل هناك شورى، قال الله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ) (آل عمران ١٥٩) والمشاورة لأهل الحل والعقد، قال سبحانه وتعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ) (الشورى ٣٨) والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستشير أصحابه وهكذا أبو بكر وعمر" إذًا الشورى لأهل الحل والعقد وليس لمن يأتي بانتخابات تشترى بالأموال والمحاصصة والرشا.

 وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء هل يجوز التصويت في الانتخابات والترشيح لها مع العلم أن بلادنا تحكم بغير ما أنزل الله؟ فأجابوا: "لا يجوز للمسلم أن يرشح نفسه رجاء أن ينتظم في سلك حكومة تحكم بغير ما أنزل الله وتعمل بغير شريعة الإسلام، فلا يجوز لمسلم أن ينتخبه أو غيره ممن يعملون في هذه الحكومة إلا إذا كان من رشح نفسه من المسلمين ومن ينتخبون يرجون بالدخول في ذلك أن يصلوا بذلك إلى تحويل الحكم إلى العمل بالشريعة الإسلامية واتخذوا ذلك وسيلة إلى التغلب على نظام الحكم على ألا يعمل من رشح نفسه بعد تمام الدخول إلا في مناصب لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية" فتاوى اللجنة 23/ 406-407. واضح من هذه الفتوى التشديد على من يجوز له الدخول في هذه الانتخابات والعمل تحت نظامها والمقصود الأساس لهذه الفتوى هو تغيير نظام الحكم من حكم غير إسلامي إلى حكم إسلامي وهو ما لا يدعيه أي شخص أو حزب يسمي نفسه إسلاميا فكلهم يدخلون هذه الانتخابات لينالوا نصيبهم من المغانم وليحصلوا على مكاسب شخصية وحزبية ولا ينكرون على هذا الحكم أبدا بل يرتضونه ويخضعون لقوانينه ويقسمون القسم على تطبيق دستوره غير الإسلامي وهو من أعظم الكفر! وقد قالت اللجنة نفسها إن مساعدة من ينادي بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية .. لا يجوز بل يؤدي بصاحبه إلى الكفر، لقوله تعالى: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة ٤٩-٥٠) ولذلك لما بين الله كفر من لم يحكم بالشريعة الإسلامية حذر من مساعدتهم أو اتخاذهم أولياء وأمر المؤمنين بالتقوى إن كانوا مؤمنين حقا، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (المائدة 57). فتاوى اللجنة ١/373. وقد كان الشيخ الألباني رحمه الله أشد وضوحا فيمن يرشح لهذه الانتخابات فقال: "لسنا مع الجماعات التي ترشح أنفسها في البرلمانات القائمة على غير شرع الله ومنها النظم التي تسمى ديمقراطية" ومن يرصد واقع الجماعات والأحزاب الإسلامية التي خاضت في مستنقع الديمقراطية يظهر له جليا أنها لم تشارك فيها إحقاقا للحق ولا لإحلال شرع الله محل الحكم الديمقراطي بغير ما أنزل الله بل خاضوا كما خاض العلمانيون والليبراليون دخلوا في البرلمانات فشرعوا قوانين ما أنزل الله بها من سلطان أو وافقوا عليها أو سكتوا عنها فمزقت البلاد والعباد واستباحوا بهذه القوانين أموال المسلمين وممتلكاتهم وسفكوا دماءهم وساهموا في تدمير البلاد وأخضعوها للكافرين الغربيين من أمريكان وأوروبيين وأصبح ولاؤهم لهم وأصبح لا همَّ لهم سوى إرضاء الكفار ليبقوهم على كراسيهم، وأصبحت مواسم الانتخابات الديمقراطية تقترن في بلادنا بالتفجيرات والاغتيالات والتهجير والتسقيط والاحتقانات الطائفية التي تدفع الشعوب ثمنها لكي يقبضها السياسيون الموالون للغرب والشرق وهكذا يحصل كلما اقتربت تلك المواسم الديمقراطية، وما خفي أعظم. مع أن امريكا لا تسمح بتطبيق الديمقراطية الحقيقية إلا بما يخدم مصالحها فاذا تعارضت الديمقراطية مع مصالحها فضلت الحكام المستبدين الديكتاتوريين الذين لم يأتوا بانتخابات ولا ديمقراطية كما رأينا في مصر والجزائر من قبلها. فهي لعبة غربية صنعوها لأنفسهم ولشعوبهم يتمتعون بها وحدهم وأما غيرهم من الشعوب الأخرى فالإفادة منها تأتي تبعا لإفادة الغرب أولا وهي أولا وآخرا منهج بشري أرضي قائم على تأليه الإنسان والانقياد له من دون الله،

إن الدخول في هذه الانتخابات والمشاركة فيها من أعظم الأخطار التي تواجه المسلمين من الديمقراطية وما يلحقها وإذا أردنا أن نلخص تلك الاخطار فيمكن وضعها في النقاط الآتية:

 أولا: خطر عقائدي، وهو إقرار المسلم بأن الديمقراطية أفضل من شريعة الله والحكم بما أنزل سواء علم أم لم يعلم قصد أم لم يقصد.

ثانيا: خطر يتمثل في موالاة الكافرين باتباع مناهجهم ونظمهم السياسية والاجتماعية ونبذ النظم الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة.

ثالثا: تعريض بلاد المسلمين للتدخل الخارجي المتمثل بالغرب الكافر الذي يهاجم متى شاء ويغزو متى شاء بحجة الدفاع عن الديمقراطية والرؤساء المنتخبين الموالين له وإن رفضتهم شعوبهم كما يحصل اليوم في النيجر. 

رابعا: تجرد المسلم من هويته الإسلامية بنبذ الشريعة الإسلامية واتباع النظم الغربية الكافرة.

خامسا: انتشار الفساد السياسي الذي يتمثل بطبقه سياسية تسعى لإرضاء الغرب الكافر؛ من أجل الحصول على السلطة والتشبث بها. 

سادسا: المساواة بين المسلمين والكافرين مما يجعل الإسلام والكفر في سلة واحدة، ولا فضل للمسلم ولا مزية في تمسكه بدينه مما يؤدي به الى الانسلاخ التدريجي عن دينه.

وبعد هذا كله أقول: إن الديمقراطية وما يترتب عليها وما تستلزمه هي وكل المناهج البشرية الأخرى من اشتراكية وقومية وليبرالية وعلمانية وغيرها لا تمت إلى دين الله بصلة، وحري بالمسلم أن يكون حذرا معها ومع ينتمون إليها وممن يدعون إليها وهي بالمحصلة تتضمن شركا أكبر يطيح بعقيدة المسلم ويتمثل الشرك فيها بثلاثة أمور: شرك التشريع، وشرع الطاعة والانقياد، وشرك الولاء والبراء، وإذا أتى الإنسان بنوع من أنواع الشرك الأكبر فلا ينفعه عمل صالح ولا صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا شهادة؛ لأنه يخرج من ربقة الإسلام وإن ادعى أنه من المسلمين، اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.


إعانة الكفار على المسلمين

الملخص: من نواقض الإسلام التي يحكم بردة صاحبها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَ...