الاثنين، 23 أبريل 2018

إلى ولدي.. مع كل الحب. الوصية الأولى: تعلَّم دِينك!

إلى ولدي.. مع كل الحب.
الوصية الأولى: تعلَّم دِينك!
ولدي الحبيب..
لا شيء في هذه الدنيا أولى بالتعلم والدراية من دينك، فالدين سبيل نجاتك في الآخرة وهي دار القرار، والدين وحده من يبلغ بك شاطئ الأمان، وبتركه تهوي إلى دَرْك الشقاء.
هَبْ يا بني أنّك نلت أعلى الشهادات، وتسنمت أعلى المناصب، وبلغت رفيع المراتب.
ماذا بعد ذلك؟ إلى ماذا سيفضي هذا كله؟
لكل شيء في هذا الوجود نهاية، وبعدها ستسأل عن كل شيء، صغيرا كان أم كبيرا، عظيما أم حقيرا..
فاحرص على تَعَلُّم الدين ثم تَعلمْ بعده ما تشاء من علوم الدنيا، واجعل ما دونه وسيلة له لا غاية فوقه، فكل علوم الدنيا إذا صحت النية فيها وضبطت بأحكام الدين كانت لك أجرا، وخيرا في العاجلة والآجلة، وبلغتَ بها سعادة الدارين.
ثم اعرف من أين تأخذ دينك؟ عليك يا ولدي بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإذا تمسكت بهما لن تضل أبدا. احفظ من القرآن ما استطعت فإن قليله فرض وكثيره منازل تترقى بها يوم القيامة في جنان الخلد مصداقا لآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وعليك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإياك يا ولدي أن تسمع لبعض المشككين بسنته الذين يلبسون دينهم بأهواء أنفسهم، فيقولون: نأخذ ما في القرآن، ونترك ما سواه. فهؤلاء أهل أهواء وضلالة، وأي عاقل يرضى بهذا القول الذي يُلغي ثُلُثَي الدين الإسلامي؟ وأي محاولة لهدم الإسلام أكبر من هذه؟ إنّ هؤلاء يا ولدي لا يستطيعون الصلاة _إن كانوا يصلون_ لولا السنة! من منهم يعرف ركعات الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء لولا السنة؟ من منهم يعرف مقدار زكاة أمواله _إن كان يزكي_ لولا السنة؟ من منهم يعرف مناسك الحج بتفاصيلها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: خذوا عني مناسككم. لولا السنة؟ إلا إن كانوا يريدون إلغاء كل هذه الأحكام. وكيف يفسرون قول الله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ؟ ماذا آتانا الرسول غير القران من الله وسنته هو صلى الله عليه وسلم؟
وعليك بأصول الدين أولا ثم فروعه، ولا شيء أولى من معرفة الدين بالأدلة، فلإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله. وهو ثلاث مراتب: الإسلام، والإيمان، والإحسان. وكل مرتبة لها أركان. فأركان الإسلام: خمسة، والدليل من السنة: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا ".
ولا تنسَ أن الدينَ الذي لا يقبلُ اللهُ غيرَه يوم القيامة هو الإسلامُ، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
والمرتبة الثانية: الإيمان، وهو بضع وسبعون شعبة كما جاء عن نبينا: أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. وأركانه: ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره كله من الله.
والدليل قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} ، [البقرة، من الآية: 177] . ودليل القدر قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ، [القمر: 49] .
والمرتبة الثالثة: الإحسان، ركن واحد، وهو: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك، والدليل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} ، [النّحل: 128] . وقوله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [سورة لقمان آية: 22] .
ويدل على كل ما تقدم أيضا حديث جبريل المشهور عليه السلام، عن عمر رضي الله عنه قال: " بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل علينا رجل، شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس عند النبي صلى الله عليه وسلم. فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، فقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت الحرام، إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت. فعجبنا له: يسأله، ويصدقه. قال: أخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: أخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك. قال: صدقت. قال: أخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال: أخبرني عن أماراتها؟ قال: أن تلد الأمة ربها، وأن ترى الحفاة، العراة العالة رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان فمضى فلبثنا مليا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم. يا عمر، أتدرون من السائل؟ قلنا: الله ورسوله أعلم؟ قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم ".
واعلم يا ولدي أن الدين عموما والإسلام خصوصا ليس حالة شخصية ولا عبادات معزولة في مسجد أو صومعة كما يدعي العلمانيون ومن حذا حذوهم، بل هو دين ودولة، عبادات وقوانين ونُظُم حُكمٍ وأخلاق ومبادئ وشؤون حياة كاملة عاشها نبي الله وصحابته وسلف الأمة وبها ملكوا الدنيا بأسرها، وأخضعوا أعتى الدول لحكم الله ولدينه ونحن اليوم نتلمس الخطى التي سلكوها ولا نجاة لنا في الدارين إلا بما انتهجوه وساروا عليه.
بهذا أمرنا القرآن: (إن الحكم إلا لله)، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، (أفحكم الجاهلية يبغون)، (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) وبذلك أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرنا تاريخ الإسلام.
هذه وصيتي الأولى إليك فتمسك بها ولا تضيعها، حفظك ربي وهداك سُبُلَ الخير والإيمان ونفعك ونفع بك.
والدك المحب


السليمانية 23/4/2018.

وأزيدك يا بني أن لكل شيء سناما وذروة سنام الإسلام الجهاد، وألا عزة للمسلمين إلا به، وأنه في كل زمان ومكان لا طاعة إلا للقوي في عالم الذئاب التي تحيط بنا، فكن دائما جنديا لهذا الدين مرابطا في الثغور أو مقاتلا في سوح الوغى أو مستعدا لهما، وإذا سمعت هيعات الجهاد فلا تتوانى قدم كل ما تستطيع وانصر إخوانك المسلمين في كل مكان بكل ما تستطيع مهما كانت ذنوبهم ومهما كانت أخطاؤهم ولا يمنعنك عن نصرتهم شيء من هذا ما داموا على دين الله ولم يخرجوا عن توحيده وإقامة الصلاة فإن لهم عليك حقا لا مناص لك منه أمام الله وستسأل عن تضييعه يوم القيامة، فالزم وصيتي أي بني! وفقك الله ونفع بك دينك وأمتك!
23/4/2024

إعانة الكفار على المسلمين

الملخص: من نواقض الإسلام التي يحكم بردة صاحبها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَ...