الخميس، 21 سبتمبر 2023

كلمة في المولد

اعلموا أيها الأخوة أن للمسلمين عيدين فقط: عيد الفطر وعيد الأضحى، ومن جمع الناس في غيرهما كل عام احتفالا وابتهاجا فقد ابتدع في دين الله عيدا ثالثا، وزعم أن في الإسلام نقصا جاء هو ليتمه، والله سبحانه وتعالى يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
 ومن يريد الدعوة إلى الله فليدع كل يوم، فالمساجد مفتوحة ودروس العلم مشروعة والأسواق مملوءة بالناس فمن شاء فليدع إلى الإسلام كما دعا رسول الله ﷺ وليأمر بالمعروف كما أمر رسول الله ﷺ وصحابته الكرام ولا يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، وليعتبر بما يراه فيما يجاوره من مواسم القوم التي نراها كل سنة في مناسبات ما أنزل الله بها من سلطان يختلط فيها الرجال بالنساء وتمزج بالمعازف والغناء وتترك فيها صلاة الفريضة وتمارس فيها الفواحش ، وفي كل سنة تتطور البدعة ويتسابق الناس لابتداع المزيد حتى تشوه الدين عندهم وزاغوا عن جادة الصواب.
 إن شأن البدع أيها الأخوة خطير جدا فهي تبدأ صغارا ثم تنتهي بطامات ومصائب؛ لأنها من خطوات الشيطان التي نهانا الله سبحانه عنها إذ قال: ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) إن مما يؤلم اليوم من حال المسلمين أنهم يتركون سنة النبي ﷺ لأنها سنة وليست بفرض ثم يلتزمون البدعة بدعوى محبة النبي ﷺ وقد نهى ﷺ عن الابتداع في الدين بقوله: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وبقوله: ( أما بعدُ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، وإنَّ أفضلَ الهديِ هديُ محمدٍ ، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها ، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ) ومن ادعى أن الاحتفال بالمولد تعبير عن حبه لرسول الله ﷺ فقد أثبت على نفسه أنه لا يحبه إلا يوما واحدا في العام، وهو قطعا لا يعترف بهذا، ورسول الله أعظم من أن يكون له يوم واحد في العام بل المؤمن الحقيقي يعبر عن حبه لرسول الله ﷺ كل يوم بالتزام سنته وطاعته واتباع أوامره، (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وإن طاعته واتباعه من محبة الله العزيز الحكيم (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) 
وأما الذي يخالف سنته كل يوم ويعصي أمره ويخالف الشرعة التي جاء بها ثم يأتي ليحتفل بمولده إظهارا لحبه وابتغاء للأجر، فهذا يخادع نفسه ويتمنى على الله الأماني والله سبحانه وتعالى يقول: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ) فهيهات هيهات إن المحب لمن أحب مطيع.
وأنا أقدر أن بعض الدعاة من غير غلاة الصوفية يحرصون على مناسبات بدعية ويجيزونها لأنهم يرون فيها فرصة لدعوة الناس وتعليمهم دينهم ولربطهم بالمساجد، ويرون في ذلك سنة حسنة وليست كذلك؛ لأن السنة الحسنة هي التي يكون لها أصل في الشرع كما في الحديث المشهور من بذل خير أو إظهار صدقة أو نشر علم كما هو معلوم، وإلا لجاز لكل أحد أن يأتي بما يراه حسنا فيزيد في الدين ما يشاء، فأقول لهؤلاء الأفاضل: إن في الإسلام أبوابا كثيرة للخير والعمل الصالح والدعوة إلى الله، وأنتم ولجتموها وجربتموها من خطب الجمعة، ودروس العلم، ودورات القران، وغيرها، وكلها أمور لها أصل مشروع في الدين ومنها ما هو واجب، فلماذا تتجهون إلى ما فيه تشبه بغير المسلمين وبالفرق الضالة التي بان انحرافها وظهر عوارها للقاصي والداني؟ 
إن ما يميز أهل السنة عن غيرهم من الفِرَق هو الاتباع لا الابتداع، فلا تكثروا سواد أهل الزيغ فقد تحبط أعمالكم وأنتم لا تعلمون .
إن ما تحتجون به من حجج وتستدلون به من أدلة قد رد عليها العلماء وهي مردودة باطلة واضحة البطلان يسهل على أبسط طالب علم أن يفندها جميعا، فلا تتمسكوا بخيوط العنكبوت لتنسجوا منها أوهاما يتبعكم عليها السذج من عوام الناس ومن أصحاب الأهواء فتحملوا أوزارهم مع أوزاركم يوم القيامة فأنتم مؤتمنون على هذا الدين تبلغونه كما نزل وتعلمونه للناس كما أراد الله لا كما شئتم فالله سبحانه أمر نبيه ﷺ بالاستقامة على أمر الله فقال: (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير) فكيف بالعلماء والدعاة؟ إنه لحري بهم أن يتقوا الشبهات ويجتنبوا الموبقات فضلا عن البدع المحدثات، وأن يستبرئوا لدينهم وأمانتهم. وألا يغلوا في الدين كما فعل النصارى حين غالوا في أنبيائهم فجعلوهم آلهة من دون الله، فقال الله لهم (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله).
 وأذكركم بأن الإسلام غاية نبيلة ولا يتصور أن تصل إلى غاية نبيلة بغير ما شرع الله ففي ديننا الغاية لا تبرر الوسيلة.
 ولا تكونوا كعلماء بني إسرائيل فتحرفوا النصوص أو تلووا أعناقها لتنالوا هوى نفوسكم، بغضا في مخالفيكم (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا) وتتبعوا الحق فأنا أعلم أن البعض يبغضون السلفية فيميلون إلى مخالفتهم ولا يذعنون للحق فقط لأنه صادر منهم وهم بهذا يضعون أنفسهم في صف أهل البدع والضلالة ليقال فقط: إنهم معتدلون، وما يغني عنكم ما يقوله القوم من الله شيئا.
إن الحق أيها الإخوة أحق أن يتبع والدين الحق المتمثل بالكتاب والسنة يعلو ولا يعلو عليه أحد 
والله أسأل أن يهدينا جميعا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم  وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يردنا إليه ردا جميلا إنه سميع مجيب.
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعانة الكفار على المسلمين

الملخص: من نواقض الإسلام التي يحكم بردة صاحبها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَ...