الخميس، 7 مارس 2019

المسلمون الجدد .. التزام وثبات

شعور مختلط من السرور والحزن معا ذاك الشعور الذي خالجني حين كنت أشاهد حلقاتٍ لمسلمين جدد دخلوا في الإسلام حديثا، سرور على ما هداهم الله إليه من الإسلام والإيمان فاختارهم واصطفاهم دون أمة كبيرة ينتمون إليها. وحزن على ما آل إليه حال المسلمين في المشرق من أولئك اللاهثين وراء الغرب وحضارته الزائفة، وزخرفها الخداع الزائل، فشتان بين من هداه الله، وبين من كره الله انبعاثه فثبطه، ثم راح ينعق بما لا يعرف ولا يعقل، فغدا بوقا للضلالة والعمى. صور كثيرة رأيتها لأولئك المهتدين يكاد يجمعها أمر واحد هو القرآن، سبب هدايتهم كلهم حين قرأوه وتدبروه، وسمت واحد هو ذاك الوقار وتلك السكينة التي ترتسم على محياهم، تشعر وأنت تراهم بتلك الطمأنينة العجيبة التي تغور بعيدا في أعماقهم ثم تنعكس على وجوههم. وتلك الدمعات الحارة التي تنساب على وجناتهم وهم يشكرون الله على هدايتهم وتلك الفرحة التي لا تخطئها العين وهم يتحدثون عن حياتهم الجديدة في ظل الإسلام. وما فاجأني هو ذلك الإصرار المشترك بينهم جميعا على إظهار هويتهم الإسلامية والافتخار بها على الرغم من كل النظرات الغريبة التي تحدق بهم وهم راسخون في مجتمعاتهم. قيل لأحدهم وهو شاب عشريني: من الشخص الذي تتمنى أن يهديه الله للإسلام؟ فحنى رأسه وهراقت دموعه ثم أطرق قليلا وهو يكاد يختنق بكلماته ثم رفع رأسه وكفكف دموعه فقال: عائلتي؛ أمي وأخي وأختي. كان يتمنى أن يذوقوا طعم السعادة التي يعيشها. وأخرى من بولندا أسلمت فأصرت على أن ترتدي الحجاب المحتشم وهي طالبة في جامعة ترتادها بعض الطالبات العربيات، فعجبت من أمرهن حين حاولن ثنيها عن الحجاب وقلن لها بكل جرأة: إن الحجاب غير مذكور في القرآن، فكان جوابها لهن أكثر عجبا، وأشد فهما للإسلام، قالت: أعتقد أن الحجاب يرضي الله عني وأنا أحب أن أرضيه. سبحان الله حين يهدي القلوب فإنها ترى بنوره وإن خفت عليها أدلة الأحكام.
وحين نتحدث عن المسلمين الجدد، فلا ننسى الدعاة منهم الذين كان لهم في أبي ذر الغفاري أسوة وأنموذج يحتذى به، فما إن أسلموا حتى شرعوا بدعوة قومهم وأبناء جلدتهم وسخروا كل جهدهم ووقتهم وحياتهم لهذه الدعوة وعلى رأس هؤلاء الشيخ يوسف إستس، القس الذي أسلم على يديه الآلاف مذ أن هداه الله قبل ما يزيد على عشرين عاما، وقد ذهلت وأنا أراه يتحدث عن الإسلام وهو يرتدي الرداء الإسلامي (الدشداشة) أينما حلّ وارتحل بلحيته الكثة ولسانه الذي يتعتع بالقرآن يحاول إقامة حروفه على لغة العرب. وغيره كثير ممن تزخر بهم قنوات اليوتيوب، وبعد تلك المشاهدة خرجت ببعض الدروس منها رأيت أن أسجلها في هذه النقاط:
١ – كلما ضعف الدين في أرض العرب ومهبط الوحي فإنّ الله سبحانه وتعالى يهيِّئ لهذا الدين في كل زمان جنودا لا يخطرون على بال المتخاذلين عن دينه أو المتآمرين عليه.
٢ – إن الإسلام باقٍ ببقاء القرآن، منتصر بنصر الله العزيز الحميد، فكلما حاول أعداء الله تشويهه والقضاء عليه، جعل الله لدينه ودعاته موطئ قدم جديد ينبثق منه الدين وينتشر مصداقا لقوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام).
٣ – كلما حاول أهل الكفر من يهود ونصارى ومن تحالف معهم من المسلمين أنفسهم إضعاف المسلمين وتشتيت صفوفهم وتفريق كلمتهم، وتشويه دينهم، جعل الله النصرة تأتي من أرض الكفر نفسه، فقد سعت أمريكا وأوربا ومن لفّ لفّهم في العقدين الأخيرين إلى حرب الإسلام بواسطة أبنائه وزرعت الفتنة بينهم وأشعلت الحروب في أرضهم، وجعلت بعضهم يقتل بعضا بسلاح تبيعه عليهم بمبالغ طائلة، فقدر الله أن يجعل كيدهم في نحرهم فأدخل الإسلام ونشره بسرعة النار في الهشيم في أرضهم حتى أصبحت بعض دول الغرب اليوم تشهد ظاهرة الولادات الكثيرة لأبناء المسلمين من أصول أوربية بلغت إحصائياتها النصف من مجموع المواليد الكلي.
٤ – دعوات التغريب والعولمة والتنوير والتنصير التي تشهدها بلاد المسلمين سرا وعلانية على يد حكام المسلمين وأذنابهم وعلى يد المتخاذلين والمنهزمين ثقافيا وفكريا من أبناء المسلمين اليوم يواجهها مدُّ كبير من هؤلاء الغربيين المتمسكين بالإسلام الذين يعتزون به ولا يخجلون من هويتهم الإسلامية بل يبرزونها في كل المحافل ويدعون إليها بكل جرأة واستعلاء.
والمتأمل يجد كثيرا من الأمور الأخرى التي تنبني على هذا الإقبال الكبير على الإسلام في الغرب نفسه، مما يؤكد بشارات النبي صلى الله عليه وسلم بأن الإسلام سيملأ الأرض ولن يبقى بيت مدر ولا وبر إلا دخله الإسلام، والفائز من سار مع القافلة لا من تنصل منها، فاللهم انصر دينك واخذل أعداءك فإنك قوي عزيز.




إعانة الكفار على المسلمين

الملخص: من نواقض الإسلام التي يحكم بردة صاحبها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَ...