الأربعاء، 30 مارس 2022

الصرف وتركه

اختلف النحاة في هذا الباب من وجهين:

الأول: ترك صرف ما ينصرف.

الثاني: صرف ما لا ينصرف.

أما الأول، ففيه أربعة مذاهب:

أحدها: الجواز مطلقا حتى في الاختيار واليه ذهب ثعلب(همع الهوامع 1 /122. )، فقد أنشد( بلا نسبة في الإنصاف 398):

أُؤَمِّلُ أنْ أَعِيشَ وَأنَّ يَوْمَي

بِأَوْلَ أَوْ بِأَهْوَنَ أَوْ جُبَارِ

أَو التَّالِي دُبَارِ فِإِنْ أَفُتْهُ

فَمُؤْنِسَ أَوْ عَرُوْبَةَ أَوْ شِيَارِ


فقيل له: هذا موضوع، فإن مؤنسا ودبارا مصروفان وقد ترك صرفهما، فقال: هذا جائز في الكلام فكيف في الشعر؟

والثاني: المنع مطلقا حتى في الشعر، وعلى ذلك أكثر البصريين(الكتاب 1 /26، والمقتضب 3 /354، والإنصاف 397 )، وأبو موسى الحامض من الكوفيين(الارتشاف 2 /892، وهمع الهوامع 1 /122 )؛ واحتجوا بأنه خروج عن الأصل بخلاف صرف الممنوع في الشعر، فإنه رجوع إلى الأصل في الأسماء.

والثالث: الجواز في الشعر، والمنع في الاختيار. وعليه أكثر الكوفيين (الإنصاف 397، وائتلاف النصرة 59 ) والأخفش(الإنصاف 397، وائتلاف النصرة 59) من البصريين واختاره ابن مالك( شرح الكافية الشافية 2 /102)، وصححه أبو حيان( الارتشاف 2 /892، بل نسبه إليه السيوطي ينظر: همع الهوامع 1 /122.) قياسا على عكسه، ولورود السماع بذلك كثيرا، كقول عباس بن مرداس(ديوانه 84 ):

فَمَا كَانَ حِصْنٌ وِلَا حَابِسٌ

يَفُوْقَانِ مِرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ

وقول الآخر(هو ذو الإصبع العدواني. وهو في الأغاني 3 /4 ):

وَمِمَّنْ وَلَدُوْا عَامِرُ ذُو الطُّوْلِ وَذُوْ العَرْضِ

وقول الآخر( هو قيس ابن الرقيات. ديوانه 124):

وَمُصعَبُ حِينَ جَدَّ الأَمْرُ أَكْثَرُهَا وَأَطْيَبُهَا

فمرداس وعامر ومصعب، لا مسوغ لمنعها من الصرف إلا العلمية، وهي لا تكفي وحدها لمنع الصرف وهناك الكثير من الأبيات المماثلة مذكورة في الإنصاف وغيره من كتب النحو.

والرابع: يجوز في العلم خاصة( همع الهوامع 1 /123).

أما الشاطبي فقد دافع عن روايات الكوفيين تبعا لابن مالك فقال معلقا على رأي ابن مالك: "ولما رأى الناظم المسألة نظرية لم يلتزم فيها مذهبا؛ بل أخبر بالسماع فقط وقَبِله، وسلمه تنكيتا على من تهجم من النحويين البصريين على ردّ روايات رواها الكوفيون، وتكذيب ناقليها فيها؛ إذ ليس هذا شأن العلماء...والرادّ هو المبرد"( المقاصد الشافية 5 /699، وينظر: رأي المبرد في المقتضب 3 /354) ثم ذكر قول ابن مالك للمبرد (إقدام في ردِّ ما لم يَروِ كقوله في قول العباس بن مرداس، ثم أنشد البيت الرواية: "يفوقان شيخي" مع أن البيت بذكر مرداس ثابت بنقل العدل عن العدل في "صحيح البخاري"( وهو في صحيح مسلم كتاب الزكاة برقم 137، 2 /738.) وذكر "شيخي" لا يعرف له سند صحيح، ولا سبب يُدنيه من التسوية فكيف من الترجيح...)(المقاصد الشافية 5 /700 ) . ثمّ ردّ الشاطبي قول المبرد بترجيح قول ابن مالك فقال عن ابن مالك: "وما قاله هو الحق، ومن علم حجة على من لم يعلم، ورواية لا تقدح في رواية أخرى؛ لأن الجميع عن العرب؛ إذ لا يسوغ نسبة الناقل؛ إذا كان عدلا، إلى الكذب أو الوهم إلا ببرهان واضح، وإلا فالظاهر الصدق"(المقاصد الشافية 5 /700 ) .

مما تقدم يبدو أن الشواهد كثيرة ولا يسع المبرد ردها جميعا. بل لا يسع البصريين الوقوف بوجهها حتى أن ابن الأنباري حاد عن صراطهم هذه المرة ورضخ لمذهب الكوفيين فقال: "والذي أذهب إليه في هذه المسألة مذهب الكوفيين؛ لكثرة النقل الذي خرج عن حكم الشذوذ والقلة، لا لقوته في القياس"(الإنصاف 405 ). بل حتى في القياس وجد لها مخرجا التمسه أبو بكر بن السراج قبله فيما زعم، فقال: "وأما من جهة القياس فإنه إذا جاز حذف الواو المتحركة للضرورة من نحو قوله(للعجير السلولي في شرح شواهد الإيضاح 284 ):

فَبَيْنَاهُ يَشْرِي رَحْلَهُ قَالَ قَائِلٌ

لِمَنْ جَمَلٌ رِخْوُ المِلَاطِ نَجِيْبُ

 فلأن يجوز حذف التنوين للضرورة، كان ذلك من طريق الأولى، وهذا لأن الواو من "هو" متحركة والتنوين ساكن، ولا خلاف في أن حذف الحرف الساكن أسهل من حذف الحرف المتحرك، فإذا جاز حذف المتحرك الذي هو الواو للضرورة فلأن يجوز حذف الحرف الساكن، كان ذلك من طريق الأولى؛ لهذا كان أبو بكر ابن السراج من البصريين_وكان من هذا الشأن بمكان_ يقول(لا يعرف قائله ): لو صحت الرواية في ترك صرف ما ينصرف لم يكن بأبعد من قولهم:

فَبَينَاهُ يَشرِي رَحلَهُ قَالَ قَائِل

ولما صحت الرواية عند أبي الحسن الأخفش وأبي علي الفارسي وأبي القاسم بن برهان من البصريين، صاروا إلى جواز ترك صرف ما ينصرف في ضرورة الشعر، واختاروا مذهب الكوفيين على مذهب البصريين، وهم من أكابر أئمة البصريين والمشار إليهم من المحققين"(الإنصاف 404-405 )  وبهذا ردّ حجة البصريين حيث احتجوا بأن ترك الصرف يؤدي إلى ردّ الاسم عن الأصل إلى غير الأصل لأن الأصل في الأسماء الصرف والواو المحذوفة أصلية عند البصريين لا زائدة وجاز حذفها فحذف التنوين أولى.

واحتج البصريون أيضا بأن حذف التنوين يؤدي إلى أن يلتبس ما ينصرف بما لا ينصرف بخلاف حذف الواو فهو لا يؤدي إلى الالتباس فيما يرون(الإنصاف 404-405 ) إلا أن هذه الحجة تتهاوى أمام جواب ابن الأنباري فقد أجاب عنه من وجهين(ينظر: السابق 406 وما بعدها ):

أحدهما: أن حذف الواو يؤدي إلى الالتباس أحيانا؛ لأنك تقول: غزا هو فيكون توكيدا للضمير المرفوع فإذا حذفت الواو منه التبست الهاء الباقية بالهاء التي هي ضمير المفعول به في نحو: غزاهُ فإنه يجوز أن لا تُمَدّ حركتها.

والثاني: أنه يبطل بصرف ما لا ينصرف، فإنه يوقع لبسا بين ما ينصرف وما لا ينصرف في نحو قوله( للعجاج في ديوانه 1 /453):

قَوَاطِنًا مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الحِمَى

ومع ذلك فهو مجمع عليه.

وبهذا لا يدع ابن الأنباري مجالا لترجيح كفة البصريين فالشواهد الكثيرة التي ذكرها تقف سدّا منيعا أمام الاعتراضات، ناهيك عما أدلى به من حجج داحضة لحجج البصريين ولست هنا بصدد نقض الحجج جميعها فالسماع وحده يكفي لإسكات الخصوم، ولكني اذكر استطرادا رأيهم في صرف ما لا ينصرف إتماما لما ذكرته في أول المسألة.

أجاز البصريون(الكتاب 1 /26، والمقتضب 3 /354، والارتشاف 2 /891، وهمع الهوامع 1 /121. ) صرف ما لا ينصرف للتناسب نحو قوله تعالى: ﴿ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾(النمل ٢٢ )، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ﴾(الإنسان ٤ )، وقوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ﴾( نوح ٢٣)، أو للضرورة كقوله ( زهير بن أبي سلمى في ديوانه 9.):

تَبَصَّرْ خَلِيلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ


أما الكوفيون( الإنصاف ، وهمع الهوامع 1 /121)  فقد استثنوا أفعل التفضيل، فلم يجيزوا صرفه، محتجين بأن حذف تنوينه إنما هو لأجل "من" فلا يجمع بينهما. واستثنى بعضهم ما آخره ألف تأنيث نحو بشرى فذكروا أنه لا يصرف للضرورة (وزعم قوم: أن صرف ما لا ينصرف مطلقا أي في الاختيار، لغة لبعض العرب حكاها الأخفش قال: وكأن هذه لغة الشعراء؛ لأنهم قد اضطروا إليه في الشعر، فجرت ألسنتهم على ذلك في الكلام)(همع الهوامع 1 /121، وينظر: الارتشاف 2 /891. ). 

وقد حظي باب الممنوع من الصرف باهتمام كبير جدا لدى المحدثين من دعاة التيسير النحوي؛ لأنه باب يشكل على الكثير حتى وصفه أحد المحدثين بأنه (مضطرب غاية الاضطراب)(دراسات في النحو 155 )، وسعى أكثرهم إلى تيسيره وتخفيف وطأته على الناشئة والمتعلمين(الرد على النحاة لابن مضاء 73وما بعدها، وإحياء النحو 167 وما بعدها، ودراسات في النحو 155 وما بعدها ) وتجنبا للإطالة نقول إن ما دعا إليه دعاة التيسير هو تقبل الأمور التي فيها متسع حتى وإن كانت لا تتماشى مع قواعد النحاة توخيا للتيسير وطلبا للسهولة على الناشئة ومتعلمي العربية من لغات أخرى، وبعد هذا نقول: إن ما ذهب إليه الكوفيون ليس ببعيد عن الصواب طالما أنه منقاد لسماع مقبول والسماع أقوى ما يتشبث به أهل اللغة فلا مانع من قبول ترك صرف ما ينصرف إن دعت إليه ضرورة كما جاز صرف ما لا ينصرف للتناسب أو الضرورة أيضا، وإن ثبت أن صرف ما لا ينصرف لغة لبعض العرب فقبوله أمر لا مناص عنه شرط أن لا يصطدم مع نصوص قرآنية وشعرية فصيحة؛ لأننا نقف حيث وقف العرب فإذا قالوا شيئا وارتضوه لسانا لهم فعلينا التسليم به والانقياد له فهم أهل اللغة وأصحاب اللسان.


السبت، 26 مارس 2022

إشكالية العجمة في العربية والقرآن

تعد العجمة مشكلة عند أهل اللغة والنحو فهي سبب من الأسباب التي يمتنع صرف الاسم لأجلها عند النحاة، وهم يعرفونها على أنها (كل ما نقل إلى اللسان العربي من لسان غيرها سواء كان من لغة الفرس، أو الروم، أم الحبشة أم الهند، أم البربر، أم الإفرنج، أم غير ذلك)( همع الهوامع 1 /108 ) قال الشاطبيّ: "فالعجمي عندهم ما ليس من كلام العرب، من أي لغة كان سوى لغة العرب، واللسان العجمي هو ما خالف كلام العرب، لا يختص ذلك بأمة دون أمة، فكل لسان غير لسان العرب عجمي"(المقاصد الشافية 5 /643.) ولها وجوه تعرف بها( ينظر: شرح المفصل 1 /66-67، وهمع الهوامع 1 /108-109.)، وقد خالف ابن قتيبة ذلك فذهب فيها مذهبا لم يرض الشاطبي حين قال: "الأعجمي الذي لا يفصح وإن كان نازلا بالبادية، والعجمي: منسوب إلى العجم وإن كان فصيحا"( أدب الكاتب_كتاب المعرفة 39.)، فرده الشاطبي بقوله: "وما قاله لا يلزم؛ لأن الأعجمي يستعمل كما قال، ويستعمل أيضا مرادفا للعجم...وقد ردَّ عليه في هذا ابن السِّيد، وردّه صحيح"( المقاصد الشافية 5 /644. ). قال ابن السِّيد البطليوسي: "هذا الذي قاله غير صحيح؛ لأن أبا زيد وغيره قد حكوا أن الأعجم لغة في العجم؛ وجاء ذلك في الأشعار الفصيحة، كقول الأخزر الحماني(في لسان العرب مادة (عجم). ):

سَلُّومُ لَوْ أَصْبَحْتِ وَسْطَ الأَعْجَمِ

فِي الرُّومِ أَوْ فَارِسَ أَوْ فِي الدَّيلَمِ

إِذَنْ لَزُرْنَاكِ وَلَوْ لَمْ نَسْلَمِ" 

( الاقتضاب في شرح أدب الكتاب_القسم الثاني 27.) 

    ومهما يكن من هذا الخلاف في مفهوم العجمة فهي موضع اعتراض آخر وذاك بسبب وقوعها في القرآن الكريم، فقد روي عن أهل العلم أنهم قالوا في أحرف كثيرة إنها بلغات العجم، منها قوله: طه، واليم والطور، والربانيون، فيقال إنها بالسريانية. والصراط، والقسطاس، والفردوس، يقال إنها بالرومية.ومشكاة، وكفلين، يقال إنها بالحبشية. وهيت لك يقال إنها بالحورانية (المزهر 27.). مما يتعارض مع نص القرآن فقد قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾(يوسف ٢. )، ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾(النحل ١٠٣. )، ﴿ وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ﴾( طه ١١٣)، وآيات أخرى كثيرة وردت ووصف القرآن فيها بأنه قرآن عربي مبين، فكيف يكون عربيا والنحاة يقولون في بعض الأسماء إنها أعجمية؟ لقد كان هذا مسوغا لبعض الأئمة ليشددوا النكير حتى قال أبو عبيدة: "من زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول"(المهذب للسيوطي نقلا عن دراسات في فقه اللغة 317.). ولكن ابن سلام ذهب فيها مذهبا وسطا محاولا إزالة الإشكال إذ قال: "والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها، فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية فهو صادق، ومن قال: إنها أعجمية فصادق"(  المزهر 1 /269.). من هنا سمي هذا النوع من الأسماء الأعجمية بالمعرب أو الدخيل (فهي عجمية باعتبار الأصل، عربية باعتبار الحال)( المعرب للجواليقي 92.)  وقد ألف فيه اللغويون مصنفات خاصة لكنهم (لم يحسنوا دائما التمييز بين المعرب والأعجمي، فكثيرا ما نفوا أعجمية لفظ لأن القرآن نزل به، وليس في القرآن عندهم دخيل، وكثيرا ما زعموا عجمية لفظ من غير أن يقيموا دليلا)( دراسات في فقه اللغة 318.)، أما النحويون فقد جعلوا الأسماء الأعجمية على ثلاثة أقسام: 

1- قسم غيرته العرب وألحقته بكلامها، فحكم أبنيته في اعتبار الأصلي والزائد والوزن حكم أبنية الأسماء العربية الوضع؛ نحو: درهم وبهرج ( هو كل رديء من الدراهم وغيرها وهو فارسي. لسان العرب مادة (بهرج)).

2- قسم غيرته ولم تلحقه بأبنية كلامها، فلا يعتبر فيه ما يعتبر في قبله، نحو: آجر وسِفسير(السفسير: السمسار. لسان العرب مادة (سفسر) ).

3- قسم تركوه غير مُغيَّر؛ فما لم يلحقوه بأبنية كلامهم لم يُعَدّ منها، وما ألحقوه بها عُدّ منها؛ مثال الأول: خراسان، لا يثبت به فُعالان. والثاني: خُرَّم( الخرم: نبات الشجر، وعيش خرم: ناعم. لسان العرب مادة (خرم))  أُلحِقَ بسُلَّم، وكُركُم(الكركم: نبت قيل هو الزعفران. ينظر: العين 5 /432، والصحاح 5 /2021. وهو فيما يعرفه الناس اليوم نوع من النباتات التي يستعمل مطحونها لتطييب الطعام بنكهة خاصة وهو أصفر اللون ) الحق بقمقم( ينظر: المزهر 1 /269-270، وهمع الهوامع 1 /109-110.).

على أية حال فإن صنيع النحاة ليس مذموما؛ بل هو إثبات لحيوية العربية وديمومتها؛ لأنها ليست بمنأى عن لغات العالم الأخرى التي تؤثر وتتأثر، فالعربية تركت أثرا كبيرا في لغات الأمم المجاورة خاصة تلك التي اعتنقت الإسلام، وكان من الطبيعي أن تتأثر هي الأخرى بدخول ألفاظ ومصطلحات من لغات الأمم الأخرى فيها وهذا (قانون اجتماعي إنساني، وإن اقتراض بعض اللغات من بعض ظاهرة إنسانية أقام عليها فقهاء اللغة المحدثون أدلة لا تحصى)( دراسات في فقه اللغة 315.)  هذا إذا كان التأثر والتبادل عشوائيا فما بالك به إذا كان منتظما بقانون وقواعد أوجدها أهل اللغة والنحو لا شك أنه سيكون أكثر قبولا. كما أن هذا الصنيع يشهد بقدرة عالية لأولئك العلماء في رصد كل جزئية ومفردة مهما كانت صغيرة حين دخولها في لغتهم.

كما أن دخول مفردة ما من لغة ما ليس دليلا على انتفاء الأصالة عن تلك اللغة فذاك أمر طبيعي كما تقدم. فلو استخدم المتكلم العربي اسما أجنبيا في كلامه فقال مثلا: جاء جون من لندن إلى بغداد. لما اختلف اثنان على أن هذا الكلام عربي على الرغم من تضمنه اسمين أعجمين، وما ذاك إلا لأن الضرورة دعت إلى استعمال اسم أعجمي في الخبر. فلو قال أحد بغير ذلك للزم أن نغير كل الأسماء والمسميات التي هي من لغات أخرى وما أكثرها اليوم ولا أحسب عاقلا يقول بذلك. والدليل على ذلك عكس الأمر فلو تكلم الإنكليزي باسم عربي فقال مثلا: Ahmed came from Baghdad to London   لما اختلف اثنان على أن هذا الكلام ليس عربيا على الرغم من تضمنه اسمين عربيين. وكذلك يقال في تضمن القرآن لأسماء أعجمية فالقرآن يروي لنا قصصا لأقوام غابرين أسماؤهم غير عربية ولغتهم غير عربية، فمن الطبيعي أن يذكرها كما هي في لغتهم فهي أعلام لأناس من غير العرب وهذا لا يشكك في كون القرآن عربيا.

أما الأسماء التي وردت في القرآن بلفظ أعجمي وهي ليست من أسماء البشر كاليم والطور وغيرها وفي العربية ما يقابلها، فمثل هذه الألفاظ لها مناسبات سياقية وبلاغية هي من باب الإعجاز القرآني، وقد تحدث فيها أستاذنا الدكتور فاضل السامرائي في معظم كتبه بما لا يترك مجالا للشك أن هذه المفردات جاءت مقصودة لمناسبة بلاغية معجزة تشهد أن هذا القرآن من عند الله وليس من قول البشر. 


الأربعاء، 9 مارس 2022

استعمال الفاصلة المنقوطة، والنقطتين الرأسيتين، والنقطة.

هل تحتفل بعيد الميلاد؟ إليك بعض الحقائق أيها المسلم.

تعلمت من القرآن أن الناس صنفان:

‎⁨نصيحة لمن يحتفلون بما يسمى بأعيــــ ــاد⁩ الميــــ ــلاد

النحو الميسر| ٤. علامات الإعراب الفرعية: ٣. الجمع المذكر السالم. ٤. الجم...

٣. النحو الميسر| علامات الإعراب.

‎⁨٢. النحو الميسر| المعرب والمبني⁩.

النحو الميسر| ‎⁨الدرس الأول: الكلام وما يتعلق به⁩، وأقسام الكلام.

إعانة الكفار على المسلمين

الملخص: من نواقض الإسلام التي يحكم بردة صاحبها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَ...