الأحد، 4 مارس 2018

رن المنبه كثيرا


على غير عادته لم يستيقظ هذا الصباح على الرغم من صوت المنبه الذي رنّ مرات عديدة، وكان كلما سمع صوته أوقفه على الغفوة وعاد إلى النوم من جديد، ثم ما لبث أن تنبه لشأنه فقام فزعا مذعورا فباص العمل يوشك أن يصل ومنبه الباص يوشك أن يدوي في أرجاء المنطقة، فألقى الغطاء الدافئ عنه وترجل من سريره مسرعا، وهو هائم على وجهه لا يدري بماذا يبدأ، هل يعد إفطارا سريعا؟ أو يدهم الحمام على عجل؟ أو يختار الملابس المناسبة لهذا اليوم فقد نسي تجهيزها بالأمس لأنه عاد متأخرا قبل منتصف الليل بقليل، فاختار ذلك القميص الأبيض المعلق في طرف الدولاب ليُسْر تناوله، ولبس جوربين مختلفين دون أن يشعر، وحينها دوى صوت منبه الباص بباب المنزل، فتناول حقيبة العمل وهرع إلى الباب دون أن يضع تلك الأوراق المهمة التي كان من الواجب عليه الانتهاء منها هذا اليوم وإحضارها إلى العمل، ثم ركب الباص في اللحظة الأخيرة قبل انطلاقه، وجميع من في الباص ينظر إليه شزرا وفي عينيه ألف علامة استفهام عن هذا التأخير الذي أزعج الجميع، وحين وصل إلى محل عمله كان المدير بالانتظار ليحاسبه ويوبخه على ما أهمل من عمله.
يا ترى من هذا الرجل؟
ولماذا أهتم لشأنه؟
أتدرون من هذا الرجل؟
إنه أنا وهو وهم وأنت يا من حالك يشبه حالي وأنتم يا من تشبهون حالنا!!
والمنبه هو الأحباب الذين رحلوا أمام أعيننا وقد سبقونا إلى الآخرة
هو المرض الذي يصيبنا!
هو ضعف أبداننا !
هو انحناء ظهورنا!
هو الشيب الذي يشتعل في رؤسنا يوما بعد يوم!
وأما الباص فهو الموت الذي قد يصل في أي لحظة، وعليك أن تكون جاهزا.
وهؤلاء الذين في الباص هم من حولك ممن يحبك أو يبغضك وكلهم سيشيعك.
وتلك الملابس والأوراق هي العمل الذي لم نبالِ به.
ونحن طالما نمنا على وسائد الغفلة، وتجاهلنا كل المنبهات التي رنت في حياتنا، ونسينا ترتيب أوراقنا وتهيئة العمل الذي سنلقى به الله يوم القيامة، وهو سبيل نجاتنا، ولكن الخبر السار أن الباص لم يأت بعد ونحن لا نزال على قيد الحياة، ولا يزال بإمكاننا الاستيقاظ من تلك الغفلة التي نغط فيها، ولا يزال بإمكاننا أن ننجز واجباتنا كي لا يوبخنا رب العمل ونحفظ ماء وجوهنا، ولو كان الأمر يقف عند التوبيخ لكان هيِِّنا ولكنها جنة أو نار.
فهنيئا لمن وعى لصوت المنبه واستيقظ في الوقت المناسب، وأعدَّ من العمل ما يبلغ به مطمحه، وكان مستعدا للباص متى ما وصل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعانة الكفار على المسلمين

الملخص: من نواقض الإسلام التي يحكم بردة صاحبها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَ...