الرباط والجهاد في سبيل الله من أعظم الأعمال أجرا عند الله، فلا شيء يعدل أن يضع الرجل روحه ودمه بين يدي الله لتزهق في أي لحظة، عمل لا يعدله كثرة صوم ولا صلاة ولا صدقة ولا قيام ليل، فعَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: (رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيرٌ مِنْ صِيامِ شَهْرٍ وقِيامِهِ، وَإنْ ماتَ فيهِ جَرَى عَلَيْهِ عمَلُهُ الَّذي كَانَ يَعْمَلُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزقُهُ، وأمِنَ الفَتَّانَ) رواهُ مسلمٌ.
فكيف بمن يقضي عمره مرابطا ومقاتلا في سبيل الله مضحيا بماله وأهله ونفسه، ﴿ لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ، درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما ﴾ [النساء: ٩٥ _۹٦] إنهم خير الناس وأفضل المؤمنين عند الله، لأنهم حققوا صريح الإيمان قولا وعملا، ولم يكتفوا من العمل ما يحبون ويستسهلون، بل ما يشق على النفس من التضحية وما تكرهه من بذل المال والولد ارضاء لله، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ، قال: "ألا أخبركم بخير الناس؟ رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله. حديث صحيح رواه الترمذي
وسئل النبي ﷺ، أي الناس أفضل؟ قال: «مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله». صحيح البخاري.
وعَنْ أَرْطَأَةَ بنِ المُنْذِرِ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخطابِ -رضي اللهُ عنه- قالَ لِجُلَسَائِهِ:
أَيُّ الناسِ أعظمُ أَجْرًا؟
قال: فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ لَهُ الصَّوْمَ والصَّلاةَ، قال: وَيَقُولُونَ فُلانٌ وَفُلانٌ بَعْدَ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ.
فقالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَعظَمِ الناسِ أَجْرًا مِمَّنْ ذَكَرْتُمْ وَمِنْ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ؟
قالُوا: بَلَى.
قالَ: رُوَيْجِلٌ [تصغير: رَجُلٌ] بِالشَّامِ، آخِذٌ بِلِجَامِ فَرَسِهِ،
يَكْلَأُ [يَحرُسُ] مِنْ وَرَاءِ بَيْضَةِ المُسلِمِينَ [أَيْ: جَمَاعَتُهُمْ وأَصلُهُمْ وَمَوْضِعُ سُلْطَانِهِمْ]، لا يَدرِي أَسَبُعٌ يَفْتَرِسُهُ أَمْ هَامَّةٌ تَلْدَغُهُ، أَوْ عَدُوٌّ يَغْشَاهُ؟ فَذَلِكَ أَعظَمُ أَجرًا مِمَّنْ ذَكَرْتُمْ وَمِنْ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ".
(تاريخ دمشق، لابن عساكر: 1/ 283).
فالجهاد: إعلاء لكلمة الله، وتمكين لهدايته في الأرض، وتثبيت للدين الحق، ومن ثم كان أفضل من تطوع الحج، والعمرة، وأفضل من تطوع الصلاة، والصوم.
وهو مع ذلك ينتظم كل لون من ألوان العبادات، سواء منها ما كان من عبادات الظاهر أو الباطن، فإن فيه من عبادات الباطن الزهد في الدنيا، ومفارقة الوطن، وهجرة الرغبات، حتى سماه الاسلام «الرهبنة».
فقد جاء في الأثر: «لكل نبي رهبانية ورهبانية هذه الأمة: الجهاد في سبيل الله».
وفيه من التضحيه بالنفس، والمال، وبيعهما لله، ما هو ثمرة من ثمرات الحب، والايمان، واليقين، والتوكل.
«إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم». التوبة 111.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله عزوجل؟ قال: «لا تستطيعونه».
فأعاد عليه مرتين، أو ثلاثا، كل ذلك يقول «لا تستطيعونه».
وقال في الثالثة: "مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت
بآيات الله، لايفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله».
رواه الخمسة.
وهذه المنزلة العظيمة يؤتاها المؤمن تشجيعا على هذا العمل العظيم لأن الدين به يحفظ والعقيدة به تنشر، والمسلمين به يحرسون، والمستضعفين به يعزون ويحفظون، فما ترك الجهاد قوم إلا ذلوا، واستضعفهم عدوهم، وانتهك حرماتهم، واستباح محرماتهم كما يفعل اليوم بالمسلمين نهارا جهارا،
روى أبو داود (3462) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
فالركون إلى الدنيا والانشغال بملذاتها وشهواتها حلالا كانت أو حراما وإيثار الحياة والراحة والدعة فيها وترك الجها د في سبيل الله يورث المسلمين ذلا وصغارا ومهانة، قال ابن حجر في "الزواجر" :
(الكبيرة التسعون والحادية والثانية والتسعون بعد الثلاثمائة ترك الجها/د عند تعينه ، بأن دخل الحربيون دار الإسلام أو أخذوا مسلماً وأمكن تخليصه منهم . وترك الناس الجهاد من أصله . وترك أهل الإقليم تحصين ثغورهم بحيث يخاف عليها من استيلاء الكفار بسبب ترك ذلك التحصين).
وترك الجها/ د سبب للعقاب والهلاك في الدنيا والآخرة
قال الله تعالى :
(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة/195 .
روى الترمذي (2972) عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنْ الرُّومِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ ، فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ! يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ ! فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلامَ ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) فَكَانَتْ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ عَلَى الأَمْوَالِ وَإِصْلاحِهَا ، وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ . فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. صححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال في "تحفة الأحوذي" :
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِلْقَاءِ الْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ هُوَ الإِقَامَةُ فِي الأَهْلِ وَالْمَالِ وَتَرْكُ الْجِهَادِ اهـ
ولذلك صار معلوما ومقررا عند الصحابة أنه لا يقعد عن الجهاد إذا كان فرض عين إلا ضعيف معذور أو منافق ، وهذا ما يحكيه كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف عن تبوك : (فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ) . رواه البخاري (4066) ومسلم (4973) .
وترك الجهاد سبب لنزول العذاب في الدنيا والآخرة .
روى أبو داود (2503) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَمْ يَغْزُ ، أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا ، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ ، أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
والقارعة هي الدَاهِيَة المُهْلِكَة التي تأتي فجأة , يقال : قَرَعَهُ أَمْرٌ إِذَا أَتَاهُ فَجْأَة .
وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ (38) إِلا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) التوبة/38-39 .
وأما الشهيد فأجره أكبر وأعظم قال رسول الله ﷺ: «لا يكلم أحد في سيبل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيل الله - إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك». صحيح مسلم .
بعد ما تقدم نقول: إن أكبر خطأ وقعت فيه الدول العربية والإسلامية هو استجابتها لضغوطات الغرب المتصهين بمحو مفهوم الجهاد من المنظومة القيمية والتربوية الإسلامية بعد أحداث ١١ سبتمبر بذريعة القضاء على الإرهاب، وتمت تصفية المناهج الدراسية من كل ما يمت إليه بصلة، فمحيت أحكام الجهاد، وصوره وقصص البطولات، وأسماء المجاهدين الأبطال في تاريخ الإسلام أو طمست، ولم يعد العدو التقليدي للإسلام له ذكر في مناهجنا الدراسية في الغالب بل استبدلت بعض الدول ذلك كله بقصص الكفاح والنجاح للفنانين الذين يراد لهم أن يكونوا قدوات للشباب في المجتمعات الجديدة التي يسعون إلى تطويعها بمختلف الوسائل بعيدا عن الإسلام ومنظومته القيمية والعقائدية، فأصبح مفهوم الجهاد ضبابيا عند النشء الجديد وأمرا يدعو إلى الريبة والشك لأنه وصمةٌ بالإرهاب يتجنبها الناس تحت ضغط الإعلام الغربي والعربي المتواطئ معه، وفي المقابل لا يوجد بديل للجهاد سوى الجيوش التقليدية التي تتبنى عقائد عسكرية قطرية محدودة، وعادة ما تكون أدوات لحماية الأنظمة وهي جيوش ثبت فشلها وضعفها في أغلب المواجهات المصيرية الكبرى للأمة أجمع.
وهذا كله جعل أمتنا أمة ضعيفة ذليلة لا يحسب لها أحد حساب إلا بمقدار ما يحتاج من أموالها وثرواتها، وأصبحنا ننتظر العدل من الغرب وأميركا بذريعة القانون الدولي وحقوق الإنسان التي يزعمون التزامها، وأقول لمن ينتظر العدل والإنصاف من الغرب ومن أميركا إسمع قوله تعالى:
﴿ ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ﴾ [البقرة: ١۰٥]
﴿ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ﴾ [البقرة: ١٢۰]
﴿ ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ﴾ [آل عمران: ١٤۹]
إنما النصر من عند الله وتحت رايته فلا نصر للمسلمين إلا بالقتال جميعا صفا واحدا ويدا واحدة
﴿ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ﴾ [الصف: ٤]
إن عدونا يقاتلنا تحت راية كفرية واحدة عبر عنها ماكرون ونتنياهو بالأمس ويضربون لأجل هذا كل قوانينهم التي يسمونها دولية وكل الحقوق التي يسمونها إنسانية لأنهم لا يروننا بشرا بل حيوانات كما قال نتنياهو ويرون لهم الحق في قتلنا صغارا وكبارا لأن دينهم المحرف يأمرهم بهذا،
ففي أسفار التوراة التي يتداولها اليهود، تقرير شريعة الحرب والقتال في أبشع صورة من صور التخريب والتدمير والاهلاك والسبي.
فقد جاء في سفر التثنية في الاصحاح العشرين عدد ١٠ ومابعده، ما يأتي نصه: «حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك بالتسخير، ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربا، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك، فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء، والاطفال، والبهائم، وكل ما في المدينة، كل غنيمتها فتغنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا، التي ليست من مدن هؤلاء الامم هنا، وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تبق منها نسمة ما، بل تحرمها تحريما - الحثيين والاموريين، والكنعانيين، والفرزيين، والحويين، واليوسيين، كما أمرك
الرب إلهك».
وفي إنجيل متى المتداول بأيدي المسيحيين، في الاصحاح العاشر عدد ٢٤ وما بعده يقول: "لا تظنوا أني جئت لالقي سلاما على الارض، ما جئت لالقي سلاما، بل سيفا، فإنني جئت لافرق الانسان ضد أبيه والابنة ضد أمها، والكنة ضد حماتها».
وفي سفر حزقيال 9: 6 وَاضْرِبُوا لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.
وفي سفر إشعيا 13 : 16 يقول الرب : “وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم“
و في سفر يشوع 6: 22-24 ” وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. … وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ“
وهذا هو ما فعلوه بالضبط في الفلوجة والموصل وأفغانستان وسوريا واليوم في غزة.
بل قبل ذلك فعلوه في كل حروبهم الصليبية والاستعمارية، يقول المطران الصليبي الإسباني "برتولومي دي لاس" الذي كان شاهد عيان على الإرهاب الصليبي المستمد من الكتاب المقدس في جرائم الإبادات للهنود الحمر ص28:
كان المسيحيون يدخلون القرى فلا يتركون طفلا أو حاملا أو امراة إلا ويبقرون بطونهم ويقطعون أوصالهم كما يقطعون الخراف بالحظيرة، وكان النصارى يتراهنون على من يشق رجلا بطعنة سكين، أو بقطع رأسه أو بدلق أحشائه بضربة سيف، وكانوا ينتزعون الرضع من أمهاتهم ويمسكونهم من أقدامهم ويرطمون رؤوسهم بالصخور، وكانوا يسفّدون الطفل وأمه بالسيف "يعني كما تقوم بتقطيع اللحم بالسكين" وكانوا يحرقون لهنود الحمر وهم أحياء، وكانت فنون التعذيب أنواع عدة، وكانوا يقطعون أيديهم قطع ناقص لتبقى معلقة بأجسادهم، بالإضافة الى أنهم كانوا يصنعون لهم مشواة ويوقدوا نار هادئة تحت هؤلاء المساكين حتى يموتوا ببطء تحت العذاب والألم والأنين.
فكيف ننتظر منهم نصرا أو عدلا أو تطبيق قانون ينصفنا.
إن القوانين قد وضعت لهم وحدهم فإذا كانت لغيرهم وجدوا مائة ذريعة كاذبة لخرقها أو نبذها بصمت ودون تسويغ؛ لأن العالم كله لا يعنيهم، هذه هي حقيقة الغرب، فكيف نحرص نحن على استجداء العدل منهم،
فاستقوى علينا الضعيف، وأنشب فينا مخالبه المستقوي، وهذا مصداق لما أوردناه من النصوص والآثار، ولا سبيل لنقض هذا الواقع وقلبه رأسا على عقب إلا بجملة أمور لعل أهمها:
- الرجوع إلى دين الله سبحانه وتعالى والاستمساك بالعروة الوثقى عروة عقيدة التوحيد التي تمسك بها الصحابة فأخلصوا دينهم لله سبحانه، وملكوا الدنيا وخضعت لهم رقاب اليهود والنصارى وأن نربي على هذه العقيدة أبناءنا منذ الصغر.
- إن هؤلاء قوم لا يحسبون حسابا لأحد إلا القوي، وهذا الذي يجب على الدول الإسلامية التزامه: إعداد كل وسائل القوة، والتوحد تحت راية الإسلام وحده، لا وطنية ولا قومية ولا فئوية بل إسلامية عقدية مبدؤها ومنتهاها عقيدة التوحيد، ونظامها شريعة الإسلام، وهذا الذي يرعبهم ولذلك عمدوا منذ قرون إلى إيجاد مسميات مختلفة لحروبهم ضدنا ليست دينية في ظاهرها لكي لا يلجأ المسلمون إلى دينهم فيتوحدوا ضد عدوهم لأن الدين وحده هو الذي يوحد الشعوب الإسلامية، وهذا ما نحتاجه اليوم أمة مسلمة واحدة تقاتل يدا واحدة وتضرب ضربة رجل واحد.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
(ولينصرن الله من ينصره).
- أن نعد العدة المادية والمعنوية قبل القتال وبعده، فنكون على أهبة الاستعداد حتى يصدق فينا وفيهم قوله تعالى: ﴿ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الحشر: ١٣] .
- أن تعود إلى مدارسنا ثقافة الجهاد والإعداد، وتعليم النشء الجديد أن لنا عدوا دائما هو من يحتل أرض فلسطين من اليهود، ومن يهدد وجودنا من النصارى وأن الله أمرنا بمعاداتهم والإعداد لمواجهتهم والبقاء على استعداد لذلك.
- الإعداد البدني للشباب وتدريبهم على الاستعمال الاحترافي للسلاح والرمي بمختلف أنواعه كما أوصانا نبينا حين قال: ألا ان القوة الرمي ثلاثا.
- إشاعة روح التعاون والتكافل بين المسلمين جميعا وأنهم جميعا كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، بغض النظر عن جنسياتهم وقومياتهم وبلدانهم، وأنهم في مقبض السيف واحد، وأن عدونا يقاتلنا جميعا فلا بد أن نقف بوجهه جميعا، وأن من يتخلى عن أخيه اليوم فقد يؤكل غدا.
- التذكير بالجهاد والإعداد في كل الوسائل الإعلامية المتاحة واستغلال القدرات المؤثرة من الشباب والمحترفين ونشر صور القتال والنصر التي تذكي في النفوس الحماس والقوة، والاستمرار في مواكبة التطورات الجارية في هذا المجال.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق