ألكسندر دوغين فيلسوف روسي قال مستشرفا ما سيحدث بعد قصف مستشفى المعمداني:
يبدو أن الهجوم على المستشفى في غزة والصور الصادمة للأطفال والنساء الذين قتلوا قد أثر على الجميع في العالم. وخاصة المسلمين. ربما لا يوجد مسلم الآن لا يريد الانتقام بأشد الطرق جدية. وهذه ليست سوى مقدمة للإبادة الجماعية، فالعملية البرية لم تبدأ بعد. إن الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل، بما في ذلك دعم ترامب، يجعل الوضع لا رجعة فيه. على الأرجح، أصبحت حرب العالم الإسلامي ضد الغرب أمرا لا مفر منه. لا ينبغي الاستهانة بالمسلمين. بالإضافة إلى ذلك، فإن جمود بايدن وإدارته لا يترك للولايات المتحدة فرصة لتكون فوق النزاع. بالنسبة للمسلمين، إسرائيل = الولايات المتحدة الأمريكية.أقول:
هذا الذي قاله الفيلسوف الروسي ليس مجهولا عندنا بل إن القرآن والسنة زاخران بفحواه، قال الله سبحانه وتعالى: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ) فهذه عداوة مطلقة لا يجهلها إلا من على قلوبهم أقفالها، ونصوص القرآن كثيرة وواضحة في ذلك فالغرب كله (النصارى من أهل الكتاب) وإسرائيل (اليهود من أهل الكتاب) كلهم معادون لنا على امتداد التاريخ وظهرت عداوتهم واضحة في حروبهم الصليبية قبل حقبة الاستعمار ثم بعد الحرب العالمية حين تنازعوا بينهم وأرادوا نظاما عالميا جديدا قائما على احترام كرامة الإنسان وحقوقه، استكثروا أن يتمتع المسلمون بهذه الحقوق فكانت معاييرهم مزدوجة وقراراتهم منحازة ضدنا ولم يرغبوا في رؤية دولنا مستقلة ذات سيادة بل أوجدوا في قلبها هذا الكيان اللقيط المسمى إسرائيل وجعلوه كمسمار جحا في حائطنا وأمدوه بكل أنواع الأسلحة والتمكين وبالمقابل حرموا بلادنا من كل المقومات الأساسية لبناء الدول القوية وسلطوا علينا كلابهم تنهش في أجسادنا وتشرد أبناءنا وتقضي على كفاءاتنا العلمية وتهجر ذوي العقول الراجحة الذكية فصرنا هياكل دول ولا دول ليكون كيانهم اللقيط هو الأقوى في المنطقة وليحافظوا على توازن الضعف ويبقوا على ضعف التوازن ، ولم يكتفوا بذلك بل أجبروا كلابهم على المضي قدما في الانبطاح لنظام يحتل أرضهم فطبعوا معهم وصاروا عونا لهم على إخوانهم ثم أخذتهم العزة بالأثم لينهالوا على أصحاب الأرض بالقتل والتشريد والسجن متى ما شاؤوا وإذا وقف بوجههم أحد رشقوه بتهمة الإرهاب الجاهزة
الآن هذا كله ليس مهما والانتقام ليس هو الهدف بل الواجب الآن على شعوب المسلمين جميعا أخص الشعوب فقط أن يرسخوا جملة من المفاهيم:
- أولها وقبل كل شيء وبعده يجب على الأمة ترسيخ عقيدة الكتاب والسنة بفهم الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان في عقول أبنائها لأن بدونها لا فائدة من أي عمل (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) الزمر ٦٥. فلا شيء نواجه به العدو أفضل من إخلاص التوحيد لله سبحانه وتعالى والتخلي عن أنواع الشرك وصوره ونبذ كل يخالف هذه العقيدة.
- وثانيها ما ورد أعلاه أن إسرائيل هي أميركا، وأميركا هي الغرب النصراني المتصهين بأكمله وهم العدو الحقيقي لكل المسلمين فيجب على المسلمين ان يفهموا ذلك جيدا وان يتخذوهم عدوا ويبدأ ذلك من العودة إلى المعتقد الصحيح في معاداة الكفار والتبرؤ منهم شعوريا وعمليا وهذا لا يعني أن نعيش في عالم آخر بل نزن تعاملنا معهم بميزان العقيدة والشرع ثم العمل على الاستقلال عنهم قدر المستطاع وفي حدود الممكن وهنا لا بد للشعوب من التنبه لحملة التغريب التي يعمل عليها أبواق أميركا من منافقين وزنادقة وعلمانيين ويدعون إليها ليلا ونهارا لغسل أدمغة الشباب ومسخ هويتهم الإسلامية وإغراقهم في نمط الحياة الغربية المنحلة.
وقد انكشف هؤلاء وانكشف زيف البريق الكاذب للحضارة الغربية ونمط حياتهم الشاذ المنحرف وهذه الأحداث الأخيرة زادته جلاء ووضوحا.
- الأمر الآخر يجب أن نعلم أن حقيقة الصراع هو معركة بين الإيمان والكفر بين الحق والباطل وليس بين اليهود والعرب ولا بين الشرق والغرب ولا بين الاحتلال والمقاومة فهو صراع ممتد من الماضي وسائر إلى المستقبل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، يهدأ حينا من الزمن ثم ما يلبث أن يشتعل من جديد تأكيدا لما سبق من أن الكفار لا يريدون للمؤمنين خيرا، وأنهم يخشون من ظهور الحق لأنهم يعلمون جيدا بطلان مسارهم، ولذلك أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة وأن الجنة تحت ظلال السيوف وأن رزقه تحت ظل سيفه وأن الأمة عزيزة ما دامت تجاهد في سبيل الله وتعد لذلك، وأنها متى ما تركت الجهاد ذلت.
- إن أعداءنا قد بدؤوا هذا الصراع منذ وقت طويل تحت غطاء إعلامي وفكري مضلل ليبقونا غائبين عن وعي الحقيقة، فقد بدأ هذا الحراك منذ عام ١٩٠٥م بمؤتمر كامبل وهو مؤتمر انعقد في لندن عام ١٩٠٥ واستمرت جلساته حتى ١٩٠٧، بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين وكان يهدف إلى إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن. وقدم فكرة المشروع لحزب الأحرار البريطاني الحاكم في ذلك الوقت، وضم الدول الاستعمارية في ذاك الوقت وهي: بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا. وفي نهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية سموها «وثيقة كامبل» نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بانرمان. وهو أخطر مؤتمر حصل لتدمير الأمة العربية خاصة (الإسلامية عامة) وكان هدفه إسقاط النهضة العربية الإسلامية وعدم استقرار المنطقة لكي لا تقف بوجه الغرب وتهيمن عليه لأنها الكيان الوحيد المرشح لذلك في المستقبل البعيد لما يملكه من إمكانيات ومؤهلات تاريخية وجغرافية واجتماعية. وهذا يعني وفق الوثيقة أن "خبراء الغرب" وجدوا في إنشاء كيان غريب (هو الكيان اليهودي الصهيوني لاحقاً) في غربي البحر المتوسط (وخصوصاً فلسطين) وسيلة لإيجاد قلعة متقدمة ترعى المصالح الغربية، وتضمن ضعف المنطقة وتمنع وحدتها، وهو ما حدث ويحدث فعلاً بغض النظر عن صحة الوثيقة أو زيفها. ولذلك نرى تهافت القادة الغربيين على هذا الكيان وتأييدهم له، ومده بمختلف أنواع الأسلحة ليحافظوا على تفوقه العسكري وضمان بقائه لأطول مدة ممكنة لأن في بقائه ضمان لتفوقهم وبقائهم.
- يجب أن ندرك جيدا ونضع نصب أعيننا دائما أن المسلمين لم يقاتلوا في أي وقت مضى بكثرة عدد، ولا بكثرة عدة وقوة، بل بإعداد المستطاع وبسلاح الإيمان الذي لا يتزعزع، لذلك أمر الله سبحانه بإعداد المستطاع فقال: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: ٦۰] فهذا الإعداد على محدوديته يرهب أعداء الله المباشرين بالحرب ويرهب من وراءهم ممن يوالونهم أو يؤازرونهم، يرهبهم بقوة الإيمان وبمدد الله الذي ينزله على من يشاء من عباده، وقد كان عمر رضي الله عنه يقول لجنده من الصحابة الكرام والتابعين لهم وهم في جهادهم: إذا استوينا نحن وعدونا بالذنوب تغلبوا علينا بقوتهم..
فجوهر الحرب في الإسلام هو الإيمان والإخلاص لله سبحانه وتعالى والالتجاء لحوله وقوته، وحينها تنتصر الفئة المؤمنة ولو كانت قليلة، وتخسر الفئة الكافرة ولو كانت كثيرة، وفوق هذا كله فالله يفعل ما يشاء يعز من يشاء ويذل من يشاء ويبتلي الفئة المؤمنة ليخلصها له ويمحصها من كل شائبة وينصرها متى شاء ويمد الكافرين في غيهم وتعنتهم ليزدادوا إثما فوق إثمهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر وهو سبحانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ... وهو على كل شيء إذا أراد قدير..
- إن المواجهة بالنسبة لنا قد بدأت فعلا منذ احتلال أفغانستان والعراق والتدخل في سوريا ولكنها كانت تحت سيطرة العدو فكان يحيدها عن باقي الأمة ليستفرد بالبلدان الإسلامية بلدا بلدا، زارعا الشقاق بين هذه البلدان ومحتويا بعضها، ومطبعا مع الأخرى، ومرهبا بعضها بسيل الدعايات الإعلامية المبالغ فيها جدا لقوة العدو؛ لينزع الإيمان من قلوب الشعوب باستسلامها لقوة الوسائل المادية ثم توكل الشعوب فعلا على تلك الوسائل فتنسلخ من قوة إيمانها بربها وبأنه هو القوي العزيز الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء.
- إن هذه حرب والحرب سجال يوم لنا ويوم علينا ولكنها مستمرة والنصر فيها محسوم للمسلمين بوعد الله سبحانه وهو لا يخلف الميعاد، (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) الروم ٤٧. (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) التوبة ١٨٩. ووعدنا بألا يكون للكافرين علينا تغلب ولا تسلط دائم وأنهم لن يضرونا إلا أذى (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) النساء ١٤١. (لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون) ال عمران ١١١. ووعدنا النبي صلى الله عليه وسلم بمحاربة اليهود والنصر عليهم في الأحاديث المشهورة.
- يجب إعادة عقيدة الجهاد إلى مناهجنا الدراسية بأحكامه ووسائله وصوره وقصص الجهاد والاستشهاد التي قدمها الجيل الأول من الصحابة ومن تبعهم بإحسان لتذكي روح الجهاد والاستشهاد في نفوس النشء الجديد والشبيبة وتبقيهم على صلة بتاريخ أمتهم وحاضره.
- المساهمة الفاعلة في وسائل الإعلام بكل ما يستطيعه الفرد المسلم، لما لها من أثر في إنهاض الأمة وشبابها، ومن التأثير في الأعداء من خلال الزخم القوي لصور الجهاد وإيلام العدو وضعفه وجبنه وكسر هيبته وشوكته، فإنها جزء من الإعداد الذي أمرنا الله به.
ومع كل ذلك لابد من الأخذ بكل الأسباب المادية والمعنوية والتركيز على تزكية النفوس وربطها بربها، وتنقية القلوب والنفوس من حب الشهوات والتعلق بالدنيا وإخلاصها لله سبحانه وربطها به وحده فهذا الحبل المتين إذا انعقد لا يستطع البشر حله مهما كانت قوته والله غالب على أمره وهو أعلم بأعدائنا وكفى به وليا وكفى به نصيرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق